للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المرأة بين الجاهلية والإسلام]

أختي الكريمة: ولنبدأ بموضوعنا: حياؤك إيمانك.

إن المرأة قبل الإسلام لا شيء، إن المرأة قبل الإسلام في متاعب بل هي أحقر حتى من الدواب، المرأة قبل هذا الدين وقبل هذه الشريعة المتاع خيرٌ منها، بعض الدواب تُرحم أما هي لا ترحم، إذا مات زوجها هل ترث منه شيئاً؟ لا بل هي تورث، يرثها إخوان الزوج، أقرباء الزوج يرثونها كالمتاع الساقط اللاقط، بل البنت كانت يوماً من الأيام عاراً وفضيحة.

انظري إلى عبد الله بن المغفل بعد أن أسلم كان يبكي، لماذا؟ لأنه طلب من زوجته أن تزين تلك البنت، من؟ إنها ابنته، زينيها، فأخذها وقلبه يرق لها ولكن يخشى العار والفضيحة، فإذا به يذهب بها إلى ذلك البئر الذي قد جف منه الماء، فيتردد هل يلقيها في ذلك البئر والبنت تداعبه وتلاعبه، وقد زينتها أمها بأحسن زينة، وهو يتردد بين عاطفة الأبوة وبين الجاهلية الجهلاء، من خوف الفضيحة والعار يتردد ويتلكأ، ثم إذا به بعد لحظات يسقطها من شفير البئر إلى قاعه لتسقط بجسدها في ذلك البئر الذي جف فتناديه تقول: يا أبتِ! ضيعت الأمانة! يا أبتِ ضيعت الأمانة!

يأتي رجل ويقول: (يا رسول الله! كانت لي في الجاهلية اثنتي عشرة بنتاً وأدتهن كلهن فقال: من لا يرحم لا يُرحم).

{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ} [النحل:٥٨] قبل الإسلام، قبل شريعة محمد عليه الصلاة والسلام، قبل هذا القرآن الذي بين يديك {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ} [النحل:٥٨ - ٥٩] يتردد بين هذا وهذا، هل يمسكه على هونٍ وذلٍ وفضيحة وعار، أم يدسه في التراب؟ يدس من؟ تلك البنت الصغيرة التي شرفها الله، بل جاء الإسلام ورفع شأنها حتى جعل سورة كاملة في القرآن وسماها "النساء"، بل وسورة أخرى سماها "مريم"، بل سورة ثالثة سماها "المجادلة"، كل هذا لمن أختي الكريمة؟ تكريماً وتشريفاً لك يا أمة الله!

إن المرأة في هذا الدين قسيمة الرجل، لا فرق بينها وبين الرجل {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ} [الأحزاب:٣٥] نعم، لها ما للرجل وعليها ما على الرجل إلا فيما اختصت به، وإلا فيما اختص به ذلك الرجل.

أختي الكريمة: جاء الإسلام ليرفع من شأنك وليعزك، هذا الإسلام الذي جاء موافقاً لفطرة المرأة، المرأة مفطورة على ماذا؟ مفطورة على الحياء، مفطورة على الحجاب، على الستر، على العفاف، هذه فطرة المرأة فطرت عليها، ولهذا لما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمهن ذلك الأدب، ويحثهن على ذلك الحياء، قال لهن لما خرجن من المسجد: (استأخرن، فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق) لا تمشين في الوسط، لا تزاحمن الرجال في الطرقات، هذا وهي ليست خارجة من مسرح، أو ملهى، أو مقهى، أو مطعم! لا.

أختي الكريمة، بل وهي خارجة من بيت الله قال: (استأخرن، فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق -أي تتوسطن الطريق- عليكن بحافات الطريق).

هل اعترضت إحداهن؟ هل قالت: كيف وكيف؟! هل قالت: أنا امرأة لي الوسط كما للرجل؟! هل قالت المرأة هذا الكلام؟ لا، قال الراوي: (فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى إن ثوبها ليلصق بالجدار من لصوقها به) الثوب يلصق بالجدار، فطر الله المرأة على هذا.

أيما امرأة خالفت حياءها وعفتها فإنها خالفت فطرتها، ومسخت فطرتها؛ لأن الله جل وعلا يخاطبها بالفطرة فيقول: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب:٥٩] هل أنتِ من نساء المؤمنين؟ إذن اسمعي: {وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب:٥٩] قال بعضهم: أي يضعن الغطاء من الرأس إلى الصدر فلا تبدو إلا عينٌ واحدة للطريق فقط، حتى ترى بها الطريق، عينٌ غير مكحلة، ولا مزينة {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الأحزاب:٥٩].