قال يوسف: قال لي سفيان: ناولني المطهرة -إناء فيه ماء- يقول: ونحن نتوضأ في المسجد فناولته في المسجد، فوضع يده اليمنى على خده الأيمن، ووضع يساره على خده الأيسر -تخيل منظره الآن- يقول: ثم نمت، بعد أن رأيته على هذه الحال قال: فاستيقظت وقد طلع الفجر، فقلت له: يرحمك الله! منذ أن تركتك وأنت على هذه الحال؟ قال: نعم.
تعرف لمَ؟ يقول: ما زلت أتفكر في أمر الآخرة: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ}[النور:٣٧].
من يجلس في المسجد؟
كل الناس يخرجون من يجلس بعد العصر إلى المغرب؟
بل من يجلس بعد الفجر إلى طلوع الشمس؟
كل الناس يخرجون يهربون من بيوت الله لمَ؟
بيعٌ وشراء إلا من رحم الله:{رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ}[النور:٣٧] تعرف لمَ هذا المكث في بيوت الله: {يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}[النور:٣٧] ماكث على هذه الحال من أول الليل إلى طلوع الفجر يقول: أتفكر في أمر الآخرة: {يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}[النور:٣٧].
يروى عن عبد الله بن المبارك أنه كان إذا صلى العصر، أتى إلى مسجد في المدينة يذكر الله حتى غروب الشمس، هذه حالهم كل يوم، بعد العصر لا يكلم أحداً ولا يكلمه أحد:{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ}[ق:٣٩].
هل سمعت برجل اسمه مسروق؟ هذا الرجل أحد العلماء العباد الزهاد، تقول زوجته: إنها تجلس خلفه، وما كان يصبح -أي: لا يطلع الفجر- إلا وساقاه منتفختان أمن اللعب؟ أم من المباريات؟ أم لكثرة النوم؟ لا.
تقول: وساقاه منتفختان من القيام، فإذا أذن الفجر تجلس خلفه تبكي على حاله، فإذا طلع الفجر يزحف كما يزحف البعير من شدة قيام الليل.
ثابت البناني يقول عن نفسه: أنه كان إذا أذن الفجر عصر رجليه حتى يستطيع أن يمشي عليهما.
من قدوتهم؟
إنه المصطفى عليه الصلاة والسلام إنه الذي كان إذا قام الليل تفطَّرت قدماه.