يقول النبي صلى الله عليه وسلم -وهذا الحديث فيه كما يقول ابن القيم مراتب العلم الأربع-: (نضَّر الله امرءاً سمع مقالتي، فوعاها، فبلغها كما سمعها، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه) أي: حسَّن الله صورته، وجمَّل الله وجهه، بعض الناس شكله ليس بحسن، لكن الناس تحب منظره، وتحب الجلوس معه، وتحب مخالطته.
قال:(نضَّر الله امرءاً سمع مقالتي) هذه أول مراتب العلم: السماع.
المرتبة الثانية قوله: فوعاها، والوعي هو الفهم، فبعد السماع لابد من الفهم.
المرتبة الثالثة: المراجعة والحفظ والتكرار، فما يكفي أنك تسمع وتفهم، فإن بعض الناس تسأله: ما هو طلب العلم عندك؟ فيقول: أحضر درس الشيخ الفلاني والشيخ الفلاني والحلقة الفلانية، وألخص الأشرطة، وأقرأ الكتب.
فإذا سألته لم يعرف شيئاً، وكلما سألته سؤالاً يقول: لحظة، فيذهب ويفتح كتاباً ويقرؤه، ويقول: هذه الإجابة لا ينفعك العلم إذا كان هكذا، بل لا بد من الحفظ، تقضي ساعة في الدرس، ثم ساعات في الحفظ، أما أن تسمع وتسمع وتسمع فلا.
لابد من سماع، ثم فهم، ثم حفظ (نضَّر الله امرءاً سمع مقالتي، فوعاها، فبلَّغها) المرتبة الرابعة: التبليغ، ويقول صلى الله عليه وسلم:(بلغوا عني ولو آية) ثم قال عليه الصلاة والسلام: (فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه) كم من رجل يحفظ حديثاً، ثم يبلغ رجلاً آخر فيفهم أكثر منه، وهذا في الناس كثير، فإنك تجد رجلاً حافظاً للقرآن لكنه لا يفقه منه شيئاً، ورجلاً حافظاً أحاديث كثيرة ولا يعرف يطبق منها حديثاً واحداً.