الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهي ليست محاضرة كما ذكر المقدم، ولكنها كلمة إن شاء الله، وكما قيل: خير الكلام ما قلَّ ودلَّ، فإن أصبت فمن الله عز وجل، وإن أخطأت فمني ومن الشيطان.
أيها الإخوة الكرام: العنوان: (البشارة العظيمة) والله جلَّ وعلا يقول: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}[البقرة:٢٢٣] والمؤمنون مبشَّرون من الله جل وعلا ومن النبي صلى الله عليه وسلم ببشائر عظيمة، وهذه بعض منها وإلا فهي أكبر وأكثر وأعظم، وسوف تسمع بعضها أيها الأخ الكريم.
أُبَشِّر كل داعية إلى الله، وكل مصلح، وكل آمر بالمعروف وناهٍ عن المنكر، وأبشر كل مُصْلِحَة، وكل آمِرَة بالمعروف وناهِيَةٍ عن المنكر، أبشركم جميعاً أيها الإخوة بأن هذا الدين منتصر، وأن الله عز وجل مُعْلٍ دينه، وناصرٌ كتابه جل وعلا، وأن هذا الدين مهما حاولوا إطفاء نوره فلن يستطيعوا:{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}[التوبة:٣٢] بل قال عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله) أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}[الروم:٤٧].
إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإن الإنسان ليصيبه الحزن والكآبة عندما ينظر في الناس فيرى المنكرات، والفساد ينتشر في الأرض، ويرى فلاناً الذي كان يصلي الفجر في جماعة؛ اليوم لا يصلي حتى ولا في بيته، ونرى ذلك الذي كان ينادي للصلاة؛ اليوم يرفع صوته بالغناء، ويرى الذي كان يحفظ القرآن؛ قد ارتد عن سبيل الله، إن القلب ليحزن وإن الصدر ليضيق من هول ما يرى.
بل عندما يدعو الإنسانُ الناسَ إلى الله جل علا، ولَمَّا يدعو الداعية إلى الله بالمعروف وينهى عن المنكر ويرى الصدود والإعراض؛ يصيبه بعض الحزن والكآبة، فإذا فتح الجرائد وسمع أخبار الناس: المسلمون يُذَبَّحون ويُقَتَّلون، وتستباح دماؤهم وتُسْلَب أراضيهم وأموالُهم؛ يصيب الإنسان منا الضيق والحزن والكآبة، ثم ماذا؟