للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حث القرآن الكريم على التثبت والتبين]

اسمع إلى قول الله جل وعلا: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [الحجرات:٦] من المخاطبون؟

إنهم المؤمنون إنهم الذين آمنوا بالله رباً، وبمحمد نبياً، الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر، الذين يؤمنون أن لهم موقفاً بين يدي الله جل وعلا فيحاسبهم على كل كلمة قالوها.

قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات:٦] وعامة قراءة أهل المدينة (فتثبتوا) لمَ يا رب نتبين؟

لمَ نتمهل ونتثبت من الكلام؟

قال: {أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ} [الحجرات:٦] كم وكم أصبنا قوماً بجهالة؟ وكم جاءنا إنسان فقال لنا: فلان الذي يدعو إلى الله فلان ذلك الرجل الصالح الذي يتظاهر بالصلاح فيه كذا وكذا يتعامل بالربا، وإذا بنا نتهمه ونبغضه، قال الله: (بجهالة) فهي عين الجهالة، والجهل ضد العلم، ولو تبين لعلم أنه أخطأ بالحكم عليه: {أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ} [الحجرات:٦].

ثم ماذا يحصل بعد أن تكبر الخصومة، ويظهر الحق: {فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات:٦] تندم -يا عبد الله- إن لم تندم في الدنيا، فإنه سوف يصيبك الندم عند الله جل وعلا يوم القيامة، فيأتيك فلان، فيقول: يا رب! تكلم فيّ فلان، فيأتي هذا يأخذ من حسناته، وهذا يأخذ من حسناته، كيف إذا كان الأمر ليس متعلقاً بواحد، بل بمجموع كبير من الناس؟ الجماعة الفلانية فيها كذا وكذا من قال لك ذلك؟ قال لي: فلان.

هل تبينت؟ هل تثبت؟ هل جئت وسألتهم؟ لا والله، قال: فلان كذا وكذا.

ومن فلان؟ فلان رجل صالح ثقة! والله يقول: فاسق، أما فلان فليس بفاسق، رجل عدل ثقة، ولكن -يا عبد الله- من أخبرك أن هذا الثقة نقل الخبر عن ثقة مثله.