للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سليمان عليه السلام وتثبته من خبر الهدهد]

واسمع -يا عبد الله- إلى هذه القصص وتلك المواقف من أفعال الأنبياء والمرسلين، كيف كانوا يتثبتون ويتبينون وإن كان الخبر من أوثق الناس؟

قال الله جل وعلا وهو يحكي قصة سليمان مع أحد جنوده، ألا وهو (الهدهد) وكان الهدهد مقرباً إلى سليمان عليه السلام، بحث عنه يوماً من الأيام فلم يجده بين الجيش تفقده فلم يجده {فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ} [النمل:٢٢] أي: لم ينتظر إلا قليلاً، فإذا بالهدهد قد قدم، فقال له الهدهد: {أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ} [النمل:٢٢] يا سليمان! جئتك بعلم لم تعلمه أنت يا رسول الله: {أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِيْن} [النمل:٢٢] جئتك من سبأ وملكة سبأ، بخبر وأي خبر؟ قال: (بنبأ يقين)، وليس بالأمر المشكوك فيه، بل هو علم وأعلى درجات العلم.

قال: أي: أنني متيقن من الذي سوف أقوله لك، ثم قال له الخبر وقصة بلقيس مع قومها، أتعرف كيف رد سليمان عليه السلام على هذا الهدهد؟ وكيف أجابه؟ {قَالَ سَنَنْظُر} سنبحث في الأمر ونتأكد من الأمر: {قَالَ سَنَنْظُر أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [النمل:٢٧] سنبحث في الأمر لعلك تكون قد كذبت، أو أخطأت أو وهمت لعل الذي نقل لك الكلام ليس بثقة، لعل في الأمر التباس {قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [النمل:٢٧] وليكن هذا شعارنا بين الناس، كلما جاءنا رجل قال لنا: فلان في الدرس الفلاني قال كذا، وفلان يُتهم بكذا، لو أجبنا كل أحد بهذه الكلمة، سننظر، سنبحث، سنتأكد {أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [النمل:٢٧] لو كان هذا شعارنا، لانتهت أكثر الخصومات بين الناس، ولحافظ كل منا على لسانه وما يتلفظ به من قول.