واسمع يا رعاك الله، واسمع فتح الله قلبك للإيمان، اسمع إلى قصة هذا المدمن الذي كان شاباً صغيراً لم يعرف شيئاً عن الإدمان يوماً من الأيام.
توفي أبوه فرعته أمه، وكانت تعطيه بعض المال ليبحث عن حرفة له ليشتغل بها، كانت تبحث له عن السعادة، هذا الشاب تعرف على رفقة سيئة، بدأ يدمن معهم التدخين ثم المخدرات؛ وقع في ذلك الوحل وأمه لا تدري، دخلت عليه يوماً من الأيام في الغرفة فإذا بها تجده في وضع غريب، يشرب دخاناً ليس كالدخان الذي تعرفه؛ عرفت الخبر ونصحته، وذكرته بالله وخوفته بيوم القيامة، وبالنار والقبر لكنه ما خاف من عذاب الله جل وعلا، جاءها يوماً من الأيام؛ طلب منها المال فأعطته المال، يوم ثانٍ قالت له: يا بني لا أعطيك المال وأنت على هذه الحال، تب إلى الله ثم أعطيك من المال، قال: تعطينني رغماً عنكِ، بدأ الآن، وأنتم تعرفون أن صاحب المخدرات المدمن إذا انقطع عن الإدمان لا يحس بنفسه، ويصبح كالوحش المفترس، جاءها يوماً من الأيام قال: أعطيني، قالت: لا أعطيك، ضربها وأخذ ذهبها وباعه واشترى به المخدر، بكت أمه عذاباً وحسرة وألماً.
أيها المدمن: تذكر هذه الأم المسكينة التي خلَّفتها في البيت وهي تبكي عليك، تذكر كم كانت ترعاك! وكم كانت تسهر على رعايتك! كم كانت تفرح وتتمنى أن تكون مثل فلان الطبيب! وفلان المهندس! وفلان الداعية! وفلان المصلي! وذلك الراكع الساجد! كانت تسمع أخبار جاراتها: هذا ولد لها حفظ القرآن! وآخر ذهب إلى العمرة! وثالث يدعو إلى الله! ورابع صار طبيباً! والآخر صار مهندساً! وهذا يدرس الناس في المدارس!
أما أنت تذكر واعلم أن أمك تبكي عليك دماً وأنت لا تدري.
جاءها يوماً من الأيام وقد فقد عقله، دخل على أمه في الغرفة، قال لها: تعطيني أموالاً أريد أن أشتري، قالت له: لا أعطيك، أخذ يضربها، قالت له: ماذا تريد؟ أتعرف ماذا كان يريد في تلك الحال؟ وأُجِلُّ المسجد من هذه الحكاية ولكن لا بد من إخبارك بها، فَقَدَ صوابه، أراد أن يهتك عرض أمه، واسمحوا لي في رواية القصة، فإن المجتمعات مليئة بهذه القصص، حاول أن يعتدي على أمه، مزق ثيابها، هربت أمه من البيت وهي تبكي ولا تدري أين تسير، توجهت إلى بيت ابنتها المتزوجة دخلت وثيابها ممزقة، ماذا أقول لابنتي؟ ماذا أقول لزوجها؟ دخلت وهي تقول لهم: دخل علينا لص البيت وأراد أن يسرق الأموال، فهربت ولجأت إليكما، كذبتْ عليهما.
وفي الصباح أخبرت ابنتها بالخبر الصحيح، ظلت أياماً في بيت ابنتها لم ترجع إلى البيت، بعد أيام قالت لابنتها: نرجع إلى البيت، رحمت ابنها، وعطفت على الولد، لأن الأم لا تنسى ولدها مهما كان، رجعت إلى البيت هي وابنتها، فإذا بالبيت قد بِيْع أثاثه وأجهزته كلها، باع الولد كل ما في البيت ليشتري بعض الحبوب، أرأيت نهاية التعاطي والإدمان؟
اسمع! لم تنتهِ القصة، هذه الأم دخلت وجلست تبكي على حال ابنها، وفي لحظة من اللحظات دخل الابن إلى الشقة فإذا به يجد أمه وأخته وابنة أخته الصغيرة، دخل على أمه يحاول أن يضربها على ما فعلت به، قال: أعطوني الآن من المال، قالت الأم: لا نعطيك شيئاً، قال: الآن أنا محتاج إلى المال أريد أن أشتري، قالت: والله لا نعطيك، فإذا به يحاول الاعتداء على أخته ويهدد أمه، إما أن تعطيني شيئاً من المال وإلا اعتديت عليها، بكت أمه، صاحت، استغاثت، استنجدت، وأخذ يضرب أخته حتى يواقعها، مزق ثيابها، والأم المسكينة لا تدري ماذا تفعل، ابنها أو ابنتها، أو العار أو الفضيحة، أخذت تتصارع الأم في قلبها، ماذا تفعل! والبنت الصغيرة تنظر إلى أمها وتبكي ماذا يفعل خالها؟ ماذا يفعل بأمها؟! فما كان من الأم إلا أن ذهبت إلى المطبخ وأخذت سكيناً وهي تصارع نفسها، والولد قد فقد وعيه لا يدري ماذا يفعل، فجاءت الأم إلى ابنها فلذة كبدها وطعنته عدة طعنات وأخته تنظر والبنت الصغيرة تنظر، ما الذي جرى بعد ثوان معدودة، والغرفة تسيل بالدماء، الرجل مات، أخته ممزقة الثياب، البنت الصغيرة تبكي، الأم منطرحة على الفراش، تبكي، مأساة وأي مأساة!
أيها المدمن: انتبه! انتبه! فإنك تضيع نفسك وأهلك، وكثير منهم باع عرضه وأرغم زوجته على وحل الدعارة؛ لتقبض بعض الأموال فيأتي بالمخدرات.