للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بشارة لأهل الأعمال الصالحة]

أبشر أيها العبد الصالح!

أبشر يا من تصلي الفجر!

أبشر يا من تشهد الشهادتين وتأتي بشروطها وأركانها وتحقِّقُها في قلبك قبل أن تقولها بلسانك!

أبشر يا عبد الله، يا من تصوم رمضان! يا من تؤدي زكاة مالك! يا من حججت إلى بيت الله!

أبشروا يا أهل القرآن!

أبشروا يا أهل الإسلام! بِمَ؟!

{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [فصلت:٣٠] أبشر يا من استقمت على دين الله: {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا} [فصلت:٣٠] أتعرف متى؟

إنها ساعة الوفاة وساعة الاحتضار: {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ} ملائكة بيض الوجوه، تقول: {أَلَّا تَخَافُوا} أي: لا تخف مما سوف يأتيك ويَقْدُم عليك.

أتعرف ما الذي ستقدم عليه؟!

حفرة ضيقة مظلمة، لا أنيس فيها ولا جليس، ثم يأتي يومٌ مقداره خمسون ألف سنة، الشمس فيه على رءوس الخلائق، يوم فيه حساب ونقاش وعذاب، ومن هناك إما إلى جنة وإما إلى نار، فتقول الملائكة: {أَلَّا تَخَافُوا}.

ثم يتذكر ما مضى وما خلَّف من الدنيا فتقول الملائكة له: {وَلا تَحْزَنُوا} لا يصيبنك الحزن على أولادك وأهل بيتك الذين خلفتهم وتركتهم، فالله يتولى الصالحين، ثم تبشرهم الملائكة: {أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأبشروا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت:٣٠].

أبشر بالجنة إن كنت صادقاً! فإن النبي صلى الله عليه وسلم يوماً من الأيام مر على الصحابة وأخبرهم: (أن بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون، فخاف الصحابة، فقال لهم يبشرهم عليه الصلاة والسلام: إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، فكبر الصحابة -الله أكبر! الله أكبر! كل الأمم السابقة ثلاثة أرباع، وهذه الأمة لوحدها تأخذ ربع الجنة، بشارة عظيمة وأي بشارة! - ثم قال لهم: إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة، فكبر الصحابة: الله أكبر! الله أكبر! ثم جاءت البشارة الثالثة قال: إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة) {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران:١١٠].

نعم.

خير أمة، ولهذا كان نصف الجنة من هذه الأمة، والنصف الآخر من الأمم السابقة جميعاً، بشارة وأي بشارة! {وَأبشروا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت:٣٠].

ومن بعض نعيمها وبعض صفاتها، لمن؟

لمن التزم بأركان الإسلام، وترك الكبائر ولم يصر على الصغائر، لمن إذا وقع في الذنب تاب ورجع إلى الله جل وعلا.

أبشر يا عبد الله! فكلما توضأت وشهدت الشهادتين، فُتِحَت لك أبواب الجنة في السماء.

الصحابة يوماً من الأيام يأتون بحرير -حرير طبيعي- فإذا بهم يتفكرون بالنظر إليه ويرغبون به، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (والله إن مناديل سعد بن معاذ في الجنة خير من هذه) المناديل التي ترمى والتي لا يكون لها في الدنيا قيمة خير من هذه؟!