للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٠ - باب فيمن بقي في حثالة كيف يفعل]

١٨٤٩ - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا أمية بن بِسْطام، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا روح بن القاسم، عن العلاء، عن أبيه. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "كَيْفَ أَنْتَ يَا عَبْدَ الله ابْنَ عَمْرٍ وإِذَا بَقيتَ فِي حُثَاِلَة مِنَ النَّاسِ؟ ". قَالَ وَذاكَ ما هم يَا رَسُولَ الله؟. قَالَ: "ذَاكَ إِذَا مَرَجَتْ عُهُودُهُمْ وَأمَانَاتُهُمْ وَصَارُوا هكَذَا"، وَشبَكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. قَالَ: فَكَيْفَ تَرَى يَا رسول الله؟. قال: "تَعْمَلُ بِمَا تَعْرِفُ،


= نقول: تفرد محمد بن حمير به لا يضره لأنه ثقة وهو من رجال البخاري.
وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" برقم (٥٩٢) من طريق محمد بن عبيد بن ميمونِ قال: حدثنا مسكين بن بكير الحذاء الحراني، عن جعفر بن برقان، به. موقوفاً.
نقول: إن وقفه لا يضره أيضاً لأن الرفع زيادة، وزيادة الثقة مقبولة كما هو مقرر في هذا العلم الشريف. وقد قدمنا أن الرافع ثقة، وهو من رجال البخاري.
وهذا الكلام مثل يضرب لمن يرى الصغير من عيوب الناس ويعيرهم به، وفيه من العيوب ما نسبته إليه كنسبة الجذع إلى القذاة، كأنه لا يدري أن هذا العمل من أقبح القبائح، لأن الإنسان الناقص، الإنسان المريض هو الذي يكرس وقته لنبش عيوب الآخرين فيحييها بعد موتها، ويظهرها بعد اندثارها، ويذكر بها بعد نسيانها، فالإنسان السوي هو الذي يهتم ببناء نفسه بناء سليماً يشغله عن تتبع عورات الناس لأن من تتبع عورات الناس تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته. ورحم الله من قال:
قبيحٌ عَلَى الإنْسَانِ يَنْسَى عُيُوبَه ... وَيَذْكرُ عَيْباً فِي أَخِيهِ قَدِ اخْتَفَى
فَلَوْ كَانَ ذَا عَقْل لَمَا عَابَ غَيْرَهُ ... وَفِيهِ عُيوبٌ لَوْ رَآهَا بِهَا اكْتَفَى.
واقرأ معي قولَ المنتصر بن بلال الأنصاري:
لا تَلْتَمِسْ مِنْ مَسَاوِي النَّاسِ مَا سَتَرُوا ... فَيَهْتِكَ النَّاسُ سِتْراً مِنْ مَسَاوِيكَا
وَاذْكُرْ مَحَاسِنَ مَا فِيهِمْ إِذَا ذُكِرُوا ... وَلا تَعِبْ أَحَداً عَيْباً بِمَا فِيكَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>