للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= جميعهم عن شعبة، بهذا الإِسناد.
وأخرجه ابن حبان برقم (٤٦٦) من طريق ابن قحطبة، حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي، قال: حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، وأخرجه القضاعي في مسند الشهاب ٢/ ٦ برقم (٧٧٢) من طريق ... جرير، كلاهما عن منصور، بهذا الإِسناد. وطريق ابن حبان هذه لم يوردها الهيثمي في موارده، وانظر جامع الأصول ٤/ ٥١٦، ومسند الموصلي لتمام التخريج.
وقوله "لا تنزع ... " قال ابن فارس في "مقاييس اللغة" ٥/ ٤١٥: "النون، والزاي، والعين أصل صحيح يدل على قلع شيء ... " من مكانه. وهذا يدل على أن الرحمة جزء أصيل في بناء الإنسان لا يقلع من مكانه إلا بعناء ومعاناة.
فإذا نزع من مكانه، شقي الإِنسان بذاته، شقي بآلام النزع، شقي لأنه أصبح كالعضو إذا بتر من الجسد الذي يغذيه ويحميه.
وبالرحمة يسعد بذاته، لأنه إن رحم، رُحِمَ، فلا يخاف العجز، ولا يخشى الانقطاع، ولا يحسب للفقر حساباً، لأنه قدم ما عليه لأبناء مجتمعه أثناء قوته وغناه، وعلى المجتمع أن يرد له دينه عند ضعفه وفقره وانقطاعه، ولذا فإنه لا يخاف ما يخافه غيره في المجتمعات التي لا يربط بين أفرادها إلا المصلحة، أو المنفعة، فإذا انقضت هذه أو تلك، أصبح الأخلاء أعداء، والمتآخون غرباء، وبذلك يشقى المجتمع لأنه كالجسد، والجسد إذا بتر منه عضو أصبح ناقصاً ضعيفاً، لأن "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً". وإذا غير هذا انقطعت الروابط، وذهبت الريح، وساد الفشل في كل ميدان، فيضعف القوي، ويذل العزيز.
وقال ابن العربي في "عارضة الأحوذي" ٨/ ١٠٧ - ١٠٩: "حقيقة الرحمة إرادة المنفعة في حق الخالق والمخلوق لا يختلف ذلك فيها، وإذا ذهبت إرادة المنفعة من قلب المرء فقد شقي بإرادة المكروه لغيره، وذهب عنه الإيمان والإسلام، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمن جاره بوائقه) وكما يلزم أن يسلم من لسانه ويده، فكذلك يلزم أن يسلم من قلبه وعقائده المكروهة فيه، فإن اليد واللسان خادمان للقلب، ومن رحم رُحِمَ، ومن قسى، قسي عليه ... ومن تمام الرحمة إيثار الصبيان بذلك لضعفهم، وتوقير الكبير لضعفه ... ".
وانظر فيض القدير ٦/ ٤٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>