للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

تجاوز هيبة الصحيحين، ونقد الشيخين، بل نقض أُسلوب ترتيبهما. ولم يسلم منه حتى شيخه ابن خزيمة، علماً بأنه احتل من نفسه مكانة لم يحتلها غيره من المشايخ الذين اتصل بهم، ونقل العلم عنهم (١).

يقول ابن حبّان فيما نقله عنه الحازمي: "فإن الحديث إذا صحّ سنده، وسلم من شوائب الجرح فلا عبرة بالعدد والأفراد، وقد يوجد- على ما ذكرت- حديث، فينبغي أن يناقش البخاري في ترك إخراج أحاديث هي من شرطه، وكذلك مسلم، ومَن بعده" (٢).

ولم نعلم- فيما اطّلعنا عليه- أنه كتب في الصحيح بعد مسلم إلا ابن خزيمة. ويقول أيضاً في مقدمة صحيحه: "وإني لما رأيت الأخبار طرقها كَثُرت، ومعرفة الناس بالصحيح منها قلَّت، لاشتغالهم بكتبة الموضوعات، وحفظ الخطأ والمقلوب، حتى صار الخبر الصحيح مهجوراً، لا يكتب، والمنكر المقلوب عزيزاً يستغرب، وأن من جمع السنن من الأئمة الماضين المرضيين، وتكلم عليها أهل الفقه والدين، أمضوا في ذكر الطرق للأخبار، وأكثروا من تكرار المعاد للآثار، قصداً منهم لتحصيل الألفاظ على مَن دام حفظها من الحفّاظ فكان ذلك سبب اعتماد المتعلّم على ما في الكتاب، وترك المقتبس التحصيل للخطات، فتدبرت الصحاح لأسهِّل حفظها على المتعلمين، وأمعنت الفكر فيها لئلا يصعب وعيها على المقتبسين" (٣).


(١) قال ابن حبان في "المجروحين" ١/ ٩٣: "ما رأيت على وجه الأرض من يحسن صناعة السنن، ويحفظ ألفاظها الصحاح وزياداتها، حتى كان السنن بين عينيه إلا محمد بن إسحاق بن خزيمة". نقله الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ" ٢/ ٧٢٣.
(٢) شروط الأئمة الخمسة للحازمي ص: (٦٢).
(٣) مقدمة الصحيح لابن حبان ١/ ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>