للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ما نظمه الله تعالى ورتبه عليه رسوله من آي السور لم يقدم من ذلك مؤخر، ولا أخر منه مقدم، وأن الأمة ضبطت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترتيب آي كل سورة، ومواضعها، وعرفت مواقعها، كما ضبطت عنه نفس القراءات وذات التلاوة ... ".
والأمر الثاني الذي يدل عليه هذا الحديث هو أن ترتيب السور في المصحف أمر توقيفي أيضاً إلا في هذا الموضع، وهذا يحتاج إلى تفصيل، ولتوضيح ذلك نقول: لقد اختلفت الآراء حول ترتيب السور في المصحف، وتعددت الأقوال، ومع هذا فإنه يمكن جمعها في ثلاثة مذاهب:
الأول: ذهب فريق إلى أن ترتيب السور في المصحف أمر اجتهادي، وقد تم باجتهاد الصحابة رضوان الله عليهم. وعمدتهم فيما ذهبوا إليه هذا الحديث، واختلاف ترتيب السور في مصاحف بعض الصحابة.
الثاني: بينما قال آخرون: إن ترتيب معظم السور كان بتوقيف النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما بقي فباجتهاد الأصحاب.
قال ابن عطية في "المحرر الوجيز" ١/ ٣٥: "وظاهر الآثار أن السبع الطوال، والحواميم، والمفصل، كان مرتباً في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان في السور ما لم يرتب، فذلك الذي رتب في وقت الكتب".
وأمَا البيهقي فقد جعل "ما لم يرتب" محصوراً في هذا المكان المذكور في هذه الرواية، فقد قال في "المدخل": "واعلم أن القرآن كان مجموعاً كله في صدور الرجال أيام حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومؤلفاً هذا التأليف الذي نشاهده ونقرؤه إلا سورة (براءة) فإنها كانت من آخر ما نزل من القرآن ولم يبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه موضعها من التأليف حتى خرج من الدنيا، فقرنها الصحابة -رضي الله عنهم- بـ (الأنفال)، وبيان ذلك حديث ابن عباس قال: قلت لعثمان ...... " وذكر هذا الحديث. وانظر دلائل النبوة ٧/ ١٥١ - ١٥٤.
الثالث: وقد قال أصحاب هذا المذهب: إن ترتيب السور كلها توقيفي كترتيب الآيات، ولم توضع سورة في مكانها إلا بأمر من النبي - صلى الله عليه وسلم -.
نقول: وهذا هو الصواب، فإن رواية أبي أسامة لهذا الحديث، والتي أخرجها النحاس في "الناسخ والمنسوخ" ص (١٦٠) قال بعد أن أخرج الرواية السابقة:
" ... حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا عوف، فقال بإسناده نحوهُ، وزاد فيه: قال عثمان =

<<  <  ج: ص:  >  >>