طَلْحَةَ، مَا مِثْلُكَ يُرَدُّ، وَلكِنِّيَ امْرأةٌ مُسْلِمَةٌ وَأنْتَ رَجُلٌ كَافِرٌ، وَلا يَحِلُّ لِي أنْ أتَزَوُّجَكَ، فَإِنْ تُسْلِمْ فَذَاكَ مَهْرِي لَا أسْألُكَ غَيْرَهُ، فَأسْلَمَ، فَكَانَتْ لَهُ، فَدَخَلَ بِهَا، فَحَمَلَتْ، فَوَلَدَتْ غُلاماً صَبيحاً، وَكَانَ أبُو طَلْحَةَ يُحِبُّهُ حُبّاً شَدِيداً. فَعَاشَ حَتَّى تَحَرَّكَ فَمَرِضَ، فَحَزِنَ عَلَيْهِ أبُو طَلْحَةَ حُزْناً شَدِيداً حَتَّى تَضَعْضَعَ. قَالَ: وَأبُو طَلْحَةَ يَغْدُو عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَيرُوحُ. فَرَاحَ رَوْحَةً وَمَاتَ الصَّبِيُّ، فَعَمَدَتْ (١) إِلَيْهِ أُمُّ سُلَيْمٍ فَطَيَّبَتْهُ وَنَظَّفَتْهُ وَجَعَلَتْهُ فِي مَخْدَعِهَا. فَأتَى أبُو طَلْحَةَ فَقَالَ: كَيْفَ أمْسَى بُنَيَّ؟. فَقَالَتْ: بِخَيْرٍ، مَا كَانَ مُنْذُ اشْتَكَى اسْكَنَ مِنْهُ اللَّيْلَةَ. قَالَ: فَحَمِدَ اللهَ وَسُرَّ بِذلِكَ. فَقَرَّبَتْ لَهُ عَشَاءَهُ فَتَعَشَّى. ثُمَّ مَسَّتْ شَيْئاً مِنْ طِيبٍ فَتَعرَّضَتْ لَهُ حَتَّى وَاقَعَهَا وَأوْقَعَ بِهَا. فَلَمَّا تَعَشَّى وَأَصَابَ مِنْ أَهْلِهِ، قَالَتْ لَهُ: يَا أَبَا طَلْحَةَ، أَرَأيْتَ لَوْ أَنَّ جَاراً لَكَ أَعَارَكَ عَارِيَةً فَاسْتَمْتَعْتَ بِهَا، ثُمَّ أَرَادَ أَخْذَهَا مِنْكَ، أكُنْتَ رَادَّهَا عَلَيْهِ؟. قَالَ: إي وَاللهِ إِنِّي كُنْتُ لَرَادّهَا عَلَيْهِ. قَالَتْ: طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُكَ؟ قَالَ: طَيِّبَةً بِهَا نَفْسِي. قَالَتْ: فَإِنَّ اللهَ أعَارَكَ بُنَيَّ، وَمَتَّعَكَ بِهِ مَا شَاءَ، ثُمَّ قَبَضَهُ إِلَيْهِ. فَاصْبِرْ وَاحْتَسِبْ.
(١) عَمَدَ- بابه: ضرب-: يقال: عمد إلى الشيء: قصد له، وعمد الشيء: أقامه بعماد يعتمد عليه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute