(٢) هذا هو المشهور عن أكثر الحنفية وإن كان في الأصل هذا قول للحنفية البخاريين، كما ذكره الأنصاري: "الكافر مكلف بالفروع عند الشافعية ومشايخنا العراقيين خلافًا للحنفية البخاريين وقيل للمعتزلة أيضًا". فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت مع المستصفى ١/ ١٢٨. انظر: كشف الأسرار ٤/ ٢٤٣؛ تيسير التحرير ٢/ ١٤٨؛ التلويح على التوضيح ١/ ٢١٣. لم يذكر المؤلف هنا دليل الشافعي كعادته ودليله: حيث إن الشافعي فرق بين المرتد وبين الكافر الأصلي وإن كان الله تعالى أحبط عمله بالردة إلَّا أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أبان: "أن عليه القتل إن لم يتب بما تقدم له من حكم الإِيمان" ولذلك يكون "مال المرتد موقوفًا ليغنم إن مات على الردة أو على ملكه إن تاب" خلافًا لال الكافر غير المعاهد فإنه يكون مغنومًا بحال "فلم يجز إلَّا أن يقضي الصلاة ... وكل ما كان يلزم مسلمًا؛ لأنه كان عليه أن يفعل فلم تكن معصيته بالردة تخفف عنه فرضًا كان عليه". الأم ١/ ٧٠، ٧١. وأما مسألة تكليف الكفار بفروع الشرائع عند الشافعية، ففيها خلاف بين علماء الأصول والفروع وقد وضحها الإمام النووي رحمه الله بقول فصل، وأزال الخلاف حيث يقول: "وأما الكافر الأصلي فاتفق أصحابنا في كتب الفروع على أنه لا يجب عليه الصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها من فروع الإِسلام، وأما في كتب الأصول فقال جمهورهم: هو مخاطب بالفروع كما هو مخاطب بأصل الإِيمان ... ولبس هو مخالفًا لقولهم في الفروع؛ لأن المراد هنا غير المراد هناك، فمرادهم في كتب الفروع: أنهم لا يطالبون بها في الدنيا مع كفرهم، وإذا أسلم أحدهم لم يلزمه قضاء الماضي، ولم يتعرضوا لعقوبة الآخرة، ومرادهم في كتب الأصول: أنهم يعذبون عليها في الآخرة زيادة على عذاب الكفر، فيعذبون عليها وعلى الكفر جميعًا لا على الكفر وحده، ولم يتعرضوا للمطالبة في الدنيا فذكروا في الأصول حكم أحد الطرفين وفي الفروع حكم الطرف الآخر، والله أعلم"، المجموع ٣/ ٥. وهذه مسألة فرعية، فرضها الأصوليون مثالًا لقاعدة وهي: "إن حصول الشرط الشرعي، هل هو شرط في صحة التكليف أم لا". فائدة الخلاف: وفائدة الخلاف لا تظهر في أحكام الدنيا، فإنهم لو أدّوها في حال الكفر لا تكون معتبرة =