للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والآداب كما يصفها الثعالبي: "كانت بخارى في الدولة السامانية بمثابة المجد، وكعبة الملك، ومجمع أفراد الزمان، ومطلع نجوم أدباء الأرض، وموسم فضلاء الدهر" (١).

وكانت هذه المرحلة من حياة الزمخشري مرحلة حرجة، يكتنفها الفقر والآلام، ومن الأمور البارزة في هذه المرحلة التي ضاعفت آلامه: أن رجله قطعت وهو في سن الصبا، ورويت لذلك أسباب مختلفة: قيل بسبب البرد، وقيل بسبب جرح أصابه، ويقال: أنه سقط عن دابته بسبب دعاء والدته عليه، كما يرويه الفقيه الدامغاني (م ٥٤٠ هـ) أنه سأل الزمخشري عن ذلك؛ فأجابه: بأنه سقط من الدابة فقطعت رجله بسبب دعاء والدته عليه (٢).

[المرحلة الثانية: طلبه العلم]

تمثل هذه المرحلة من حياته الفترة العلمية الأولى التي عاشها الزمخشري بكل مواهبه وقواه وآماله. وتبدأ بخروجه من قريته زمخشر إلى خوارزم، وقيل إلى بخارى، طالبًا للعلم وطمعًا في الاستزادة، من شتى العلوم الإِسلامية، وفروع المعرفة.

أقبل الزمخشري على حلقات العلم، ومجالسة الشيوخ والأخذ عنهم مجدًّا في التحصيل مكبًا على الحفظ والقراءة، مقبلًا على دراسة علوم عصره، التي أخذ منها بنصيب وافر.

فكان من تلك العلوم: أصول الفقه، والحديث، والتفسير، والتوحيد، والمنطق، والفلسفة، والعلوم العربية. وقد قيض الله سبحانه وتعالى له علماء أفذاذًا، عرفوا بثقافاتهم الواسعة في العلوم، فأخذ العلوم من منابعها الوافرة الصافية.

لم يصف له الحال في هذه الفترة أيضًا، فقد بلغه نعي والده في سجن المؤيد فكان له التأثير الكبير على نفسيته لبعده عنه، وكذلك لفقره وانقطاع المعونة عنه، كما يصور ذلك في قصائده التي نظمها:


(١) انظر: الثعالبي، يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر ٤/ ١٠١.
(٢) وفيات الأعيان ٥/ ١٦٩.

<<  <   >  >>