والعرب تستعمله بمعنى الوطء، والعقد جميعًا؛ لأنه مأخوذ من غيره، ولأنهما لا يفهمان إلا بقرينة، أو على الاشتراك فيهما. ولكنهم يفرقون بينهما بقولهم: "نكح فلان فلانة أو بنت فلان" يريدون أنه تزوجها وعقد عليها، وإذا قالوا: "نكح زوجته أو امرأته" لم يريدوا به إلا المجامعة. ومن ثم اختلف الفقهاء في موضوعه الشرعي على ثلاثة أقوال: فذهب أبو حنيفة: "أنه حقيقة في الوطء, مجاز في العقد". وهذا قول اللغويين؛ لأنهم يقولون: "أصل النكاح في كلام العرب الوطء". وللشافعية فيها ثلاثة أوجه، أصحها: "أنه حقيقة في العقد، مجاز في الوطء"، وقالوا: "وهو الذي جاء به القرآن العزيز والأحاديث". والقول الثالث: "أنه حقيقة فيهما بالاشتراك، كالعين"، "وحمل على هذا، النهي في قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: ٢٢١]، عن العقد وعن الوطء بملك اليمين معًا". وفائدة الخلاف تظهر في قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٢] في حكم مزنية الأب على فروعه. فذهب الأحناف إلى تحريمه بالنص، وذهب الشافعية إلى تجويز ذلك. وشرعًا: عرفه الأحناف بأنه: "عقد يرد على تمليك منفعة البضع قصدًا"، وعرفه الشافعية بأنه: "عقد يتضمن إباحة وطء بلفظ إنكاح أو تزويج أو ترجمته". انظر: معجم مقاييس اللغة، الصحاح، المصباح، مادة: (نكح)، تصحيح التنبيه، ص ١٠٢؛ المبسوط ٤/ ١٩٢؛ البناية ٤/ ٣، وما بعدها، مغني المحتاج ٣/ ١٢٣. (٢) يجوز للمرأة أن تزوّج نفسها بغير وليّ عند أبي حنيفة مع توفر الشروط المذكورة في صورة المسألة. انظر: مختصر الطحاوي، ص ١٧١؛ القدوري، ص ٦٩؛ المبسوط ٥/ ١٠؛ تحفة الفقهاء ٢/ ٢٢٤؛ فتح القدير ٣/ ٢٥٦.