ويعرف البلوغ من الصبي والصبية، بإمارات حسية معروفة، منها ما يشترك فيها الذكر والأنثى: الاحتلام، والإِنزال، والإِنبات. ومنها ما تختص بها الأنثى وهي: الحيض، والإِحبال. فإن ظهرت علامة أو أكثر من هذه العلامات، فيحكم ببلوغه، ويترتب عليه أحكامه وآثاره، باتفاق بين الفريقين، وإن لم يظهر شيء من هذه العلامات فالحالة هذه يحكم بالبلوغ بتحديد السن، على اختلاف بين المذهبين. (٢) فذهب أبو حنيفة في تحديد سن البلوغ إلى التفريق بين الجنسين: فيبلغ الصبي عنده بتمام ثماني عشرة سنة، وقيل حتى يستكمل تسع عشرة سنة، والصبية بتمام سبعة عشر سنة، وبالطعن في الثامنة عشر سنة. وأما الشافعية والصاحبان لأبي حنيفة رحمهم الله، فذهبوا إلى عدم التفريق بين الجنسين، وبلوغهما بتمام: خمس عشرة سنة، وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى، وعليه الفتوى في المذهب. وما ذكرته في تحديد سن البلوغ باعتبار أقصى مدة البلوغ، وقد يبلغان قبل هذه المدة بحسب البيئة والمجتمع التي يعيش فيها، "وأدق المدة لذلك في حق الغلام اثنتا عشرة سنة وفي حق الجارية تسع سنين". انظر: القدوري، ص ٤٣؛ البدائع ٩/ ٤٤٧٠؛ الهداية ٨/ ٢٥٤، مع البناية؛ الأم ٣/ ٢١٥؛ المهذب ١/ ٣٣٧؛ الوجيز ١/ ١٧٦؛ الروضة ٤/ ١٧٨؛ المنهاج، ص ٥٩. (٣) واستدل لأبي حنيفة من النقل بقوله سبحانه وتعالى: {حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ (الأنعام: ١٥٢)، "وأشد الصبي ثماني عشرة سنة، هكذا قاله ابن عباس رضي الله عنه"، في أقل ما قيل في تفسير الأشد. وقال المرغيناني في معرض استدلاله في حد بلوغ الإناث: "إن الإناث نشؤهن وإدراكهن أسرع، فنقصنا في حقهن سنة ... ". راجع أدلة المسألة بالتفصيل: البدائع ٩/ ٤٤٧٠؛ نصب الراية ٤/ ١٦٦؛ البناية ٨/ ٢٥٧ وما بعدها.