للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأسقط الحد عنها، وهذا دليل في هذه المسألة، فأبو حنيفة: أسقط الحد ها هنا، شبهة لعقد الِإجارة (١).

احتج الشافعي، في المسألة وهو: أن الحد إنما شرع للزجر، فلو قلنا إِنَّهُ لا يجب الحد ها هنا، يؤدي إلى المحال؛ لأن عادة الزناة أن يعطوا شيئًا، ثم يفعلون ذلك الفعل، فلو قلنا: إِنَّهُ لا يجب الحد، يؤدي إلى سد باب الحدود (٢).

مسألة: ٣٥٣ - الحد في تمكين العاقلة البالغة مجنونًا

العاقلة البالغة إذا مكنت من المجنون، عندنا: لا حد عليها (٣)، وعند الشافعي: عليها الحد (٤).


= في مصنفه عن ابن المسيب: "أن عمر بن الخطاب أتى بامرأة لقيها راع بفلاة من الأرض وهي عطشى، فاستسقته، فأبى أن يسقيها إلا أن تتركه فيقع بها، فناشدته بالله فأبى، فلما بلغت جهدها أمكنته، فدرأ عنها عمر الحد بالضرورة"، وزاد البيهقي في سننه: "فشاور [عمر] الناس في رجمها، فقال عليّ رضي الله عنه: هذه مضطرة أرى أن تخلي سبيلها ففعل".
انظر: مصنف عبد الرزاق ٧/ ٤٠٧؛ السنن الكبرى ٨/ ٢٣٦.
(١) وشبهه عقد الإجارة كما ذكرها ابن الهمام: "أن المستوفى بالزنا المنفعة، وهي المعقود عليه في الإجارة، لكنه في حكم العين، فبالنظر إلى الحقيقة تكون محلًا لعقد الإجارة فأورث شبهة".
وقال عبد الحكيم الأفغانية "لأن نص: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: ٢٤] (النساء ٢٤)، سمى المهر أجرة فأورث شبهة؛ لأن الشبهة ما يشبه الحقيقة". وقال ابن الهمام بعد ما ذكر صور عقد الإجارة للزنا، ووجهة الشبهة فيها: "والحق في هذا كله وجوب الحد، إذا المذكور معنى يعارضه كتاب الله تعالى، قال الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} [النور: ٢]، فالمعنى الذي يفيد أن فعل الزنا مع قوله [أمهرتك كذا] لأزني بك، لا يجلد معه للفظة المهر، معارض له". فتح القدير ٥/ ٢٦٢.
انظر: كشف الحقائق شرح كنز الدقائق ١/ ٢٨٣.
(٢) وإنما يجب الحد، لانتفاء الملك والعقد.
انظر: المهذب ٢/ ٢٦٩؛ مغني المحتاج ٤/ ١٤٦.
(٣) انظر: المبسوط ٩/ ٥٤؛ البدائع ٩/ ٤١٥٠؛ فتح القدير ٥/ ٢٤٨.
(٤) انظر: المهذب ٢/ ٢٦٧، ٢٦٩؛ المنهاج ٤/ ١٤٧، مع مغني المحتاج.

<<  <   >  >>