للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

احتج الشافعي، في المسألة وقال: إن الشرع أطلق له الاستيفاء، والاستيفاء: تارة يكون مقتصرًا، وتارة يكون ساريًا؛ لأن السراية والاقتصار ليس يكون في وسعه؛ لأنا لو قلنا: بأنه يقطعه قطعًا مقتصدًا، وليس في وسعه ذلك، لامتنع من استيفاء حقه؛ لأنه لما قطع طرفه من الموضع الذي قطعه في الأول، فقد استوفى ما هو حق له، فسراية المتولدة منه، وجب أن لا يكون مضمونًا عليه، كما نقول: في الإمام إذا قطع يد السارق، فسرى إلى النفس فمات، فإنه لا يجب الضمان عليه، فكذلك ها هنا (١).

مسألة: ٣٣١ - سراية الجناية

رجل قطع يد رجل فمات، فإن عندنا: يقتل القاطع ولا تقطع يده (٢)، وعند الشافعي: تقطع يده، فإن مات، فلا يجوز قتله (٣).

دليلنا في المسألة؛ لأنه لما قطع يده فسرى إلى النفس، كان هذا قتلًا من الأصل؛ لأن القتل ليس إلا جرح يعقبه خروج الروح، وقد وجد هذا المعنى هاهنا، فيكون قتلًا، فأوجبنا عليه القتل (٤).


(١) واستدل الشيرازي من النقل بما روي أن عمر وعليًا رضي الله عنهما قالا - في الذي يموت من القصاص -: "لا دية له".
انظر: السنن الكبرى ٨/ ٦٨؛ المهذب ٢/ ١٨٩.
(٢) انظر: المبسوط ٢٦/ ١٤٩؛ الاختيار ٣/ ١٦٥.
(٣) جملة موقف الشافعية من المسألة: أن لولي المجني عليه الخيار بين أحد أمرين: إما القطع أولًا ثم حزّ رقبته، أو الحز رأسًا ومباشرة.
وما عرضه الزمخشري هنا يتناسب مع الخيار الأول، ذلك أنه نص على القطع، ثم حدث أن مات الجاني بسراية القطع، وحينئذ فلا يكون محلًا للحز، وعليه فلا يجوز قتل الجاني؛ لأنه قد استوفيت حياته قضاء، وإن لم يمت فيكون محلًا للحز.
انظر: الأم ٦/ ١٢؛ المهذب ٢/ ١٨٩؛ المنهاج، ص ١٢٥؛ الروضة ٩/ ١٦١ وما بعدها.
(٤) انظر: المبسوط ٢٦/ ١٤٩، ١٥٠.

<<  <   >  >>