من المألوف بين المؤلفين، أن يقدم المؤلف بين يدي الكتاب مقدمة (خطبة) يبين فيها الغرض من تأليف الكتاب، ومنهجه فيه، وتقسيمه لموضوعاته وخطته التي اعتمدها في تصدّيه لمباحث الكتاب، ومصادره التي اعتمدها، إلى غير ذلك مما يتعلق بالكتاب.
عرى هذا الكتاب عن هذه المقدمة، بل بدأه الإِمام الزمخشري مباشرة بالموضوع الأول من الكتاب: كتاب الطهارة.
ليس هذا هو الكتاب الوحيد بين كتب الإِمام الزمخشري الذي سار فيه بهذه الطريقة، بل أن له كتاباً آخر سلك فيه السلك نفسه ذلك هو كتاب الأنموذج في النحو (١)، حيث بدأه مباشرة بموضوعات الكتاب، في حين أن خطته العامة في بقية كتبه التقديم بين يدي الكتاب مقدمة، يفصّل فيها السبب الداعي لتأليف الكتاب، وما سيتطرق إليه من موضوعات، إلى غير ذلك.
كما نجد هذا جلياً: في تفسيره الجليل "الكشاف"، و"أساس البلاغة"، و "الفائق في غريب الحديث"، و "مقامات الزمخشري"، وغيرها من الكتب.
ولما كان البحث يستوجب التعرف على منهجه في هذا الكتاب، من خلال عرضه، لموضوعات الكتاب، ومسائله، وأسلوب بيانه.
فوضّحت هذا المنهج في الخطوات التالية:
أولاً: يفتتح المؤلف: المسألة مع ذكر حكمها لكلا المذهبين بأسلوب خبري، مبتدئاً بقول أبي حنيفة، ومثنياً بالشافعي رحمهما الله تعالى، وهو في ذلك لا يتعرض إلا لقول أبي حنيفة - وإن كان المذهب خلافه.