للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

احتج الشافعي في المسألة؛ لأن الرجل إذا كان سفيهاً مبذراً احتاج إلى النظر والقاضي بحجره عن التصرف، لا يضيع ماله، نظرًا له (١) كما في الصبي العاقل المبذر، فكان المعنى فيه: تضييع المال؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -، نهى عن إضاعة المال (٢).

مسألة: ١٩٨ - بيع القاضي مال المديون

إذا ركبته الديون، فامتنع [عن] (٣) أداء الحق، فإن القاضي يحبسه ولا يبيع عليه ماله عندنا (٤)، وعند الشافعي: يحبسه ويبيع


(١) واستدل الشافعي رحمه الله تعالى من النقل بآيتين، حيث يقول: "الحجر على البالغين في آيتين من كتاب الله عز وجل، وهما: قول الله تبارك وتعالى: {فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ... } (البقرة ٢٨٢). ثم قال مبيناً وجه الدلالة: "وأثبت الولاية على السفيه والضعيف والذي لا يستطيع أن يملْ هو، وأمر وليه بالإملاء عليه؛ لأنه أقامه فيما لا غناء به عنه من ماله مقامه".
والآية الأخرى، قول الله سبحانه وتعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (سورة النساء ٦).
انظر الأدلة بالتفصيل: الأم ٨/ ٢١٣، ٢١٩؛ المهذب ١/ ٣٣٨، ٣٣٩.
(٢) ويقصد به ما أخرجه الشيخان من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله عز وجل حرم عليكم: عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعاً وهات، وكره لكم ثلاثًا: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال":
البخاري، في الاستقراض، باب ما ينهى عن إضاعة المال (٢٤٠٨)، ٥/ ٦٨؛ مسلم، في الأقضية، باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة (١٧١٥)، ٣/ ١٣٤١.
(٣) في الأصل: (على).
(٤) هذا قول الإِمام أبي حنيفة رحمه الله، لاعتبار البيع عليه من مسألة الحجر خلافاً للصاحبين، وإنما يجوز البيع عليه عنده، في حالة واحدة "إن كان دينه دراهم وله دنانير، أو على ضد ذلك، باعها القاضي في دينه" استحساناً، وعند الصاحبين ببيع القاضي عليه مطلقاً، وعلى قولهما الفتوى في المذهب.
انظر: مختصر الطحاوي، ص ٩٥؛ المبسوط ٢٤/ ١٦٣؛ البدائع ٩/ ٤٤٧٤، ٤٤٧٦؛ الهداية ٣/ ٢٨٥؛ الدر المختار ٦/ ١٥٠، مع حاشية ابن عابدين.

<<  <   >  >>