للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

احتج الشافعي في المسألة وهو: أن الناس يتفاوتون في الاستعمال للشيء، أو في ركوبه خصوصاً، وهو إنما رضي بركوبه واستعماله إذا لم يكن حيواناً، فوجب أن لا يملك المستعير أن يعير لآخر، كما نقول في الإجارة، أن من استأجر من آخر دابة، فأراد أن يؤاجر من غيره (١)، [أو] أودع عند إنسان شيئاً فالمودع أراد أن يودع من غيره، فإنه لا يملك ذلك، كذلك ها هنا (٢).

مسألة: ٢٢٥ - رد العارية إلى مكانها المألوف

إذا استعار دابة من إنسان فردها إلى اصطبل مالكها، ولم يعلمه بذلك، فإذا تلفت لا تكون من ضمان المستعير عندنا (٣)، وعند الشافعي: تكون في ضمانه (٤).

دليلنا في المسألة؛ لأن الإنسان إذا استعار دابة، إنما يردها في الموضع الذي استعار، إنما تؤخذ من الاصطبل، ألا ترى أنه لو ردها إلى يد عبده، أو إلى تلاميذه فهلكت. أنه لا ضمان عليه؛ لأن ردها إلى يد عبده أو إلى تلاميذه كردها إلى مالكها، كذلك


(١) أراد المؤلف أن ينظّر بين عدم جواز إعارة المستعير العين لطرف ثالث بالإجارة، (حيث لا يجوز تأجير العين لطرف ثالث) في حين أن الراجح جواز تأجير المستأجر العين لآخر؛ لأنه يملك النافع، "ولهذا يملك أن يأخذ عليه العوض، فملك نقله إلى غيره، كالمشتري للطعام"، بخلاف المستعير فإنه لا يملك النافع وإنما له الإباحة بالانتفاع - عند الشافعية - "فلا يملك بها الإباحة لغيره .. ولهذا لا يملك أخذ العوض عليه، فلا يملك نقله إلى غيره كمن قدم إليه الطعام". ويصح تنظير المؤلف الإعارة على الإجارة، على قول مرجوح لدى الشافعية، كما يقول الشيرازي: "ويجوز أن يعير غيره كما يجوز للمستأجر أن يؤجر".
انظر المهذب ١/ ٣٧١؛ المنهاج، ص ٧٧.
(٢) تنظيره الإعارة بالوديعة صحيح، بجامع أن كلاً منهما لا يجوز نقله إلى غيرهما.
انظر: المهذب ١/ ٣٦٨؛ المنهاج، ص ٩٢.
(٣) انظر: القدوري، ص ٦٣؛ المبسوط ١١/ ١٣٩؛ البدائع ٨/ ٣٩٠٧.
(٤) انظر: المهذب ١/ ٣٧١.

<<  <   >  >>