للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إذا كان مميزًا فأحرم بإذن وليه صح، وإن لم يكن مميزًا، فأحرم عنه الولي (١).


= هبيرة في الإفصاح، إلا أن الباحث إذا رجع إلى كتب الأحناف للتأكد من مدى صحة هذا القول في المذهب، فإنه لا يجد قولًا واحدًا يدل على صحة ما ذكر في كتب الخلاف، بل الجميع متفقون على أن حج الصبي يقع تطوعًا، اللهم إلا ما ذكره ابن عابدين في حاشيته: "ذكر في البدائع، أنه لا يجوز أداء الحج من مجنون وصبي لا يعقل، كما لا يجب عليهما، ونقل غيره صحة حجهما". وبالرجوع إلى البدائع للتأكد من صحة نقل ابن عابدين عنه، نجد الكاساني يقول في شرائط فرضية الحج" فمنها البلوغ، ومنها العقل، فلا حج على الصبي والمجنون؛ لأنه لا خطاب عليهما، فلا يلزمهما الحج، حتى لو حج ثم بلغ الصبي، وأفاق المجنون، فعليهما حجة الإسلام، وما فعله الصبي قبل البلوغ يكون تطوعًا والجملة الأخيرة من قول الكاساني صريحة في صحة حج الصبي، ووقوعه تطوعًا.
ثم إن افترضنا صحة ما ذكر في كتب الخلاف عن الأحناف فرضًا، وعدم عثورنا على هذا القول في الكتب التي بين أيدينا، فمن الممكن التوفيق والجمع بين القولين، فيكون معنى قولهم: إنه لا يصح حج الصبي "صحة يتعلق بها وجوب الكفارات عليه إذا فعل محظورات الإِحرام، زيادة في الرفق به، لا أنه يخرجه من ثواب الحج" كما ذكره ابن هبيرة في الإفصاح. ومن ثم يظهر أنه لا خلاف بين الذهبين في صحة حج الصبي، ووقوعه نفلًا، سواء كان الصبي مميزًا أو غير مميز.
(١) وإنما الخلاف في صفة حجه باختلاف حاله: الصبي إما أن يكون مميزًا أو غير مميز.
(أ) أما الصبي المميز: فإنه يحرم عنه وليه، ويؤدي عنه المناسك، ويجنبه محظورات الإحرام، ولكن لا يصلي عنه ركعتي الطواف، بل تسقطان عنه عند الأحناف، وعند الشافعية: يصليهما الولي عنه.
(ب) وأما الصبي غير المميز: فلا يصح إحرامه إلا بنفسه، وينعقد بإذن وليه وبغير إذنه عند الأحناف.
وأما عند الشافعية فيصح إحرام وليه عنه، وإذا أحرم بنفسه فلا ينعقد إلا بإذن وليه على الأصح عندهم في المسألتين، ويفعل المميز كل ما يستطيع فعله بنفسه من المناسك، ولا تجوز النيابة عنه فيما قدر عليه بنفسه، وكل ما لا يقدر الصبي على أدائه بنفسه ينوب عنه وليه في أدائه، وهذه باتفاق الطرفين.
(ج) وأما إن ارتكب الصبي محظورًا من محظورات الإحرام، أو ترك فرضًا أو واجبًا من الواجبات، فلا جزاء عليه عند الأحناف، لعدم الأهلية، ولأنه يأتي به للتخلق، وأما الشافعية فعندهم: عليه الجزاء، ثم إن كان الصبي أحرم بإذن الولي وجبت الفدية في مال الصبي، =

<<  <   >  >>