للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المغابنة، والمغابنة في باب النكاح أكثر من باب البيع، فيجوز بشرط الخيار، فكذلك في النكاح (١).

احتج الشافعي، في المسألة؛ لأنا لو خلينا والقياس لكنا نقول: في باب البيع لا يجوز بشرط الخيار، إلا أن الشرع جوّز في باب البيع؛ لأنه يقع بغتة، والنكاح ليس في معنى البيع، فوجب أن لا يجوز بشرط الخيار (٢).


(١) واستدل الأحناف على صحة النكاح بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح
والطلاق والعتاق". أخرجه الإمام مالك في الموطأ بهذا اللفظ موقوفًا على ابن المسيب، في النكاح، باب جامع النكاح (٥٦)، ٢/ ٥٤٨، وأصل هذا حديث مرفوع عن أبي هريرة رضي الله عنه أخرجه: أبو داود، في الطلاق، باب الطلاق على الهزل (٢١٩٤)، ٢/ ٢٥٩؛ الترمذي، في الطلاق، باب ما جاء في الحد والهزل في الطلاق (١١٨٤)، ٣/ ٤٩٠؛ ابن ماجه، في الطلاق، باب من طلق أو نكح أو راجع لاعبًا، (٢٠٣٩)، ١/ ٦٥٧.
وبين السرخسي وجه الدلالة بقوله: "والهزل واشتراط الخيار سواء .. حيث لا يمنع الهزل تمام النكاح، فاشتراط الخيار أولى .. والمعنى فيه: أنه عقد لا يحتمل الفسخ بعد تمامه ولا يقبل خيار الشرط، فاشتراط فيه لا يمنع تمامه، كالطلاق والعتاق بمال ... ".
انظر: المبسوط ٥/ ٩٤، ٩٥.
(٢) واستدل الشافعي لبطلان النكاح بشرط الخيار: "بنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نكاح المتعة". الحديث أخرجه الشيخان من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه: البخاري، في المغازي، باب غزوة خيبر (٤٢١٦)، فتح الباري ٧/ ٤٨١؛ مسلم، في النكاح، باب نكاح المتعة (١٤٠٧)، ٢/ ١٠٢٧.
والمعنى فيه: بأن النكاح يقصد به إحلال المنكوحة مطلقًا، والمتعة يقصد به إيقاع النكاح مؤقتًا، ونفس هذا المعنى موجود في النكاح بشرط الخيار، بل هو أقبح منه كما قال الشافعي: "لأن النكاح بالخيار غير ثابت في حال، وثابت في أخرى" بعكس نكاح المتعة، فإنه يقع على ثابت أولًا إلى مدة وغير ثابت إذا انقطعت المدة". انظر: الأم ٥/ ٨١.
سبب الخلاف:
وسبب الخلاف بين الطرفين في هذه المسألة هو أن الشرط الفاسد إذا وقع مقارنًا للعقد، يقع العقد باطلًا لدى الشافعية، لمقارنته الشرط الفاسد.
وأما الأحناف: فلا يؤثر عندهم مقارنة الشرط الفاسد للعقد، ما دام العقد قد وقع مستوفيًا لأركانه. وقد سبق تفصيل هذه المسألة في كتاب البيوع، في المسألة (١٦٤)، ص ٢٧٦.

<<  <   >  >>