للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لقبل عدتهن أي: لأطهار عدتهن، أمر بتفريق الطلاق علي أطهار العدة (١)، وهذا كله لمعني، وهو: أن الطلاق مبغض في الشريعة. لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "إن أحب المباحات إلى الله تعالى: النكاح، وإن أبغض المباحات إلى الله تعالى: الطلاق" (٢). وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الطلاق مما يهتز به العرش" (٣) فعرفنا بهذا أن الطلاق مبغض في الشريعة، إلا أنه شرع باعتبار الحاجة، ربما لا [توافقه] (٤) أخلاقها، فلم يحصل مقصود النكاح؛ لأن مقصود النكاح إنما هو: المودة والمحبة، فإذا لم يتفق ها هنا لم يحصل هذا المقصود، فالشرع جعل الطلاق مشروعا باعتبار الحاجة، والحاجة ترتفع بطلقة واحدة، فلا حاجة بنا إلى الثلاث (٥).

احتج الشافعي [في المسألة] وهو: أن التطليقات ملك


(١) أي ثلاثًا في ثلاثة أطهار كما يتجلي هذا المعنى من حديث ابن عمر رضي الله عنهما في إنكار النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمره بالإرجاع لمخالفته الطلاق المشروع.
انظر بالتفصيل: تفسير الآية الكريمة في: أحكام القرآن للجصاص ٣/ ٤٥٢؛ البدائع ٤/ ١٧٦٧؛ نصب الراية ٣/ ٢٢٠، ٢٢١.
(٢) الحديث روي بلفظ: "ما أحل الله عز وجل حلالًا أحب إليه من النكاح، ولا أحل حلالًا أكره إليه من الطلاق". أورده الهندي في كنزل العمال، وعزاه إلى مسند الفردوسي للديلمي، رواية عن ابن عمر رضي الله عنهما.
كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال (٢٧٨٧٩)، ٩/ ٦٦٣.
(٣) الحديث بكامله: "تزوجوا ولا تطلقوا، فإن الطلاق يهتز منه العرش". أخرجه ابن عدي في الكامل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال السخاوي: "وسنده ضعيف"، قال ابن الجوزي: "بل هو موضوع".
انظر: كنز العمال (٢٧٨٧٤)، تنزيه الشريعة المرفوعة ٢/ ٢٠٢؛ فيض القدير ٣/ ٢٤٣.
(٤) في الأصل: (لا يتفق).
(٥) انظر بالتفصيل: المبسوط ٥/ ٦ وما بعدها.

<<  <   >  >>