للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو بتة (١)، أو باينة، أو قال: اغربي (٢)، أو قال لها: اخرجي، أو قال لها: الحقي بأهلك، أو قال لها: استبريء (٣) رحمك، أو استتري (٤)، أو قال لها: تقنعي، هذه كلها ألفاظ الكنايات، لا يقع بدون النية بالإجماع (٥). فإذا وقع يقع بوائن: عند أبي حنيفة، وأما صريح الطلاق: لا يقطع الرجعة.

دليلنا في المسألة: بأن صريح الطلاق لا يقطع الرجعة؛ لأن اللفظ لا ينبيء عن البينونة، وأما الكنايات إذا نوي يصير: بائنًا، وهذا اللفظ ينبيء: عن الإِبانة في عرف لسان العرب (٦).


(١) بته: بتا، أي: قطعه قطعًا، أي قطعت الوصلة بيننا، ومنه قيل: وبت الرجل طلاق امرأته، فهي مبتوتة. انظر: الصباح، مادة: (بت).
(٢) اغربي: وهو بالغين المعجمة والراء المهملة، والغربة: البعد، "أي: تباعدي عني؛ لأني طلقتك". البناية ٤/ ٤٧٤.
(٣) استبريء رحمك: اطلبي براءتها من الحبل، يقال: استبرأت: أي: طلبت براءتها من الحبل. انظر: المصباح، مادة: (بري).
(٤) استتري: هو أمر من السترة، وتقنعي: "أمر بأخذ القناع على وجهها؛ لأنك بنت بالطلاق". البناية ٤/ ٤٧٤.
(٥) نقل المؤلف الإِجماع علي عدم وقوع الطلاق بدون نية، في الكنايات. لكن الإِجماع الذي حكاه المؤلف هنا غير مسلم له، حيث نجد الفقهاء رحمهم الله قد اختلفوا في وقوع الطلاق بالكنايات الظاهرة: فذهب الأحناف إلى وقوع الطلاق بدون نية، بشرط دلالة الحال: كمذاكرة الطلاق أو الغضب.
ومذهب مالك: في الكنايات الظاهرة، كحكم الصريح، إذ يقع الطلاق بمجرد اللفظ، وذهب الشافعي، إلى أن الكنايات كلها تفتقر إلى النية مطلقا، وعن أحمد روايتان: رواية كالشافعي، والثانية: كأبي حنيفة رحمهم الله تعالى.
انظر: القدوري، ص ٧٤؛ لعدوي، حاشية العدوي ٤/ ٣١، مع الخرشي علي مختصر سيدي خليل؛ المنهاج، ص ١٠٦؛ ابن قدامة؛ المغني مع الشرح الكبير ٨/ ٢١٨، ابن النجار الفتوحي، منتهي الإرادات ٢/ ٢٧٩.
(٦) واحتج السرخسي لذلك بقوله: "إن إيقاع صفة البينونة تصرف من الزوج في ملكه، فيكون صحيحًا، كإيقاع أصل الطلاق".
انظر أدلتهم بالتفصيل: المبسوط ٦/ ٧٤، ٧٥؛ البناية ٤/ ٤٨٠ وما بعدها.

<<  <   >  >>