للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

دليلنا في المسألة، وهو: "ما روي عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: أنه خطب في حجة الوداع فقال: "ألا إن قتيل خطأ العمد قتيل السوط والعصا، والدية فيه مائة من الِإبل" (١) فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أوجب في شبه العمد: الدية. ولم يوجب القصاص، ولو كان واجبًا لأمره.

احتج الشافعي في المسألة، وهو: أن القصاص إنما يجب بتفويت الروح، وقد حصل ها هنا، تفويت الروح بفعل القصد، فيجب القصاص عليه، لقول النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "من حرّق حرّقناه، ومن غرّق غرقناه، ومن نَبَشَ قطعناه" (٢).


(١) الحديث أخرجه أصحاب السنن إلَّا الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أبو داود، في الديات، باب في الخطأ شبه العمد (٤٥٤٧)، ٤/ ١٨٥؛ النسائي، في القسامة، باب كم دية شبه العمد ٨/ ٤٠؛ ابن ماجة، في الديات، باب دية شبه العمد مغلظة (٢٦٢٧)، ٢/ ٨٧٧؛ وصححه ابن حبان، وقال ابن القطان: "هو صحيح ولا يضره الاختلاف".
انظر: نصب الراية ٤/ ٣٣١، ٣٣٢؛ التلخيص الحبير ٤/ ١٥.
(٢) الحديث أخرجه البيهقي في السنن والمعرفة من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه مرفوعًا،
ونقل ابن حجر عن المعرفة قوله: "في الإسناد بعض من يجهل، وإنما قاله زياد في خطبته". انظر: السنن الكبرى ٨/ ٤٣؛ التلخيص الحبير ٤/ ١٩.
ومن أقوى أدلتهم ما رواه الشيخان من حديث أنس رضي الله عنه: "أن يهوديًا رضَّ رأس جارية بين حجرين، فقتلها، فأمر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "برضَ رأسه بين حجرين": البخاري، في الديات، باب من أقاد بحجر (٦٨٧٩) , ١٢/ ٢٠٤؛ مسلم، في القسامة، باب ثبوت القصاص في القتل بالحجر وغيره (١٦٧٢)، ٣/ ١٢٩٩.
انظر: المهذب ٢/ ١٧٧.
منشأ الخلاف بين المذهبين صادر من تعريف العمد: فالعمد عند أبي حنيفة كما عرفه القدوري هو: "ما تعمد ضربه بسلاح أوما جرى مجرى السلاح في تفريق الأجزاء، كالمحدد من الخشب والحجر والنار". والعمد عند الشافعية كما عرفه النووي، بأنه: "قصد الفعل والشخص بما يقتل غالبًا جارح أو مثقل".
انظر: القدوري، ص ٨٨؛ المنهاج، ص ١٢٢.

<<  <   >  >>