للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بيانه: إذا هلك المسروق في يد السارق، فإنه تقطع يمينه، ولا يجب فيه المال عندنا، وعند الشافعي: تقطع ويغرم قيمة المال.

دليلنا في المسألة، وهو: أن السارق لما قطعت يمينه إنما [قطعت] في مقابلة سرقة هذا المال، فصارت اليد مستوفاة في مقابلة هذا المال، فلو قلنا: بأنه يجب الضمان، يؤدي إلى اجتماع الضمانين بسبب عين واحدة، وهذا لا يجوز (١).

احتج الشافعي في المسألة، وهو: أن القطع إنما يجب جزاء على فعل السرقة حقًا لله تعالى، ألا ترى أنه إذا أسقط رب المال هذا القطع لم يسقط، عرفنا أنه حق الله تعالى على طريق الجزاء لفعل السرقة، والضمان إنما يجب بمقابلة المال، حتى يكون مراعاة للجانبين جميعًا (٢).


(١) واستدل الأحناف لعدم الجمع بقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ} [المائدة: ٣٨]. ووجه الاستدلال من الآية كما قال السرخسي: فقد نص على أن القطع جميع موجب فعله؛ لأن في لفظ الجزاء إشارة إلى الكمال ... وبما روى عبد الرحمن بن عوف، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: أنه قال: "لا غرم على السارق". الحديث رواه بلفظه الدارقطني، وروى نحوه النسائي والبيهقي. وقد تكلم المحدثون في إِسناده، قال النسائي: "هذا مرسل، وليس بثابت"، وقال الدارقطني: "والمسور بن إبراهيم لم يدرك عبد الرحمن بن عوف، فإن صح إسناده فهو مرسل"، وقيل فيه غير ذلك.
انظر: سنن الدارقطني مع التعليق المغني ٣/ ١٨٢، ١٨٣؛ النسائي في آخر السرقة ٨/ ٩٣؛ السنن الكبرى ٨/ ٢٧٧.
(٢) واستدل البيهقي لتغريم السارق، بما أخرجه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: أنه قال: "على اليد ما أخذت حتى تؤديه".
انظر: السنن الكبرى، باب غرم السارق ٨/ ٢٧٦.

<<  <   >  >>