دفنتهما فقعدت بين قبريهما فقالت * فلله عيناي اللذان نراهما (١) * قريبين مني والمزار بعيد هما تركا عيني لا ماء فيهما * وشكا سواد القلب فهو عميد مقيمان بالبيداء لا يبرحانها * ولا يسألان الركب أين يريد * فقيل لها لو أتيت عبيد الله بن العباس فقصصت عليه القصة فأتته فقالت له يا ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إني أصبحت لا عند قريب يحميني ولا عند عشيرة تؤويني وإني سألت عن المرجى سببه المأمول نائله المعطي سائله فأرشدت إليك فاعمل بي واحدة من ثلاث إما أن تقيم أودي أو تحسن صلتي أو تردني إلى أهلي فقال عبيد الله كل يفعل بك أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا حمزة بن علي بن محمد ومحمد بن محمد بن أحمد قالا أنا أبو الفرج القصاري أنا أبو محمد بن محمد جعفر الخواص نا أبو العباس أحمد بن محمد حدثني عبد الله بن مروان بن معاوية الفزاري حدثني محمد بن الوليد أبو الحجاج الفزاري أن عبيد الله بن العباس خرج في سفر له ومعه مولى له حتى إذا كان في بعض الطريق وقع لهما بيت أعرابي قال لمولاه لو أنا مضينا فنزلنا بهذا البيت وبتنا به قال فمضى وكان عبيد الله رجلا جميلا جهيرا فلما رآه الأعرابي أعظمه وقال لأمرأته لقد نزل بنا رجل شريف وأنزله الأعرابي ثم إن الأعرابي أتى امراته فقال هل من عشاء لضيفنا هذا فقالت لا إلا هذه الشويهة التي حياة ابنتك من لبنها قال لا بد من ذبحها قالت أفتقتل ابنتك قال وإن قال ثم إنه أخذ الشاة والشفرة وجعل يقول * يا جارتي لا توقظني البنية * إن توقظيها تنتحب عليه وتنزع الشفرة من يديه ثم ذبح الشاة فهيأ منها طعاما ثم أتى به عبيد الله ومولاه فعشاهما وعبيد الله يسمع كلام الأعرابي لأمرأته ومحاورتهما فلما أصبح عبيد الله قال لمولاه هل معك شئ قال نعم خمسمائة دينار فضلت