للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حول الكوخ من هذا البردي (١) الجافي فيخصب في الشتاء فأقلعه فما كان منه في التراب يخرج غضا أبيض فآكله وأرمي بالأخضر الجافي فكان هذا قوتي إلى أن نوديت (٢) في سري يا أبا الخير تزعم أنك لا تزاحم الخلق في أقواتهم وتشير إلى التوكل وأنت في وسط العموم جالس فقلت إلهي وسيدي ومولاي وعزتك لا مددت يدي إلى شئ مما تنبت الأرض حتى تكون أنت الموصلي إلى رزقي من حيث لا أكون أنا أتولى فيه فأقمت اثنى عشر يوما أصلي الفرض وأتنفل (٣) ثم عجزت عن النافلة فأقمت اثني عشر يوما أصلي الفرض لا غير ثم عجزت عن القيام فأقمت اثني عشر يوما أصلي جالسا ثم عجزت عن الجلوس فرأيت إن طرحت نفسي ذهب فرضي فلجأت إلى الله بسري وقلت إلهي وسيدي ومولاي أفرضت علي فرضا تسألني عنه وضمنت لي رزقا فتفضل علي برزقي ولا تؤاخذني بما اعتقدته فوعزتك لأجتهدن ألا (٤) أخالف عقدي الذي عقدته معك فإذا بين يدي رغيفان وربما قال قرصان بينهما شئ ولم يذكر الشئ فكنت آخذه على دوار وقتي من الليل إلى الليل ثم طولبت بالمسير إلى الثغر فسرت حتى دخلت مصر وكان ذلك يوم الجمعة فوجدت في صحن الجامع قاصا يقص على الناس وحوله حلقة فوقفت أسمع ما يقول فذكر قصة زكريا والمنشار وما كان من خطاب الله له حين هرب منهم فنادته الشجرة إلي يا زكريا فانفرجت له فدخلها ثم أطبقت عليه ولحقه العود فتعلق بطرف عبائه وناداهم إلي فهذا زكريا ثم أخرج إليهم حيلة المنشار فنشرت الشجرة حتى بلغت رأس زكريا فأن منه أنة أوحى الله تعالى يا زكريا لئن صعدت منك إلي أنة ثانية لأمحونك من ديوان النبوة فعض زكريا على الصير (٥) حتى قطع بشطرين فقلت في نفسي لقد كان زكريا صابرا إلهي وسيدي ومولاي لئن ابتليتني لأصبرن ثم سرت حتى دخلت أنطاكية فرآني بعض أخواني وعلم أني أريد الثغر فدفع إلي سيفا وترسا وحربة للسبيل فدخلت الثغر وكنت حينئذ أحتشم من الله أن أرى وراء سور خيفة العدو فجعلت مقامي بالنهار في غابة أكون فيها وأخرج بالليل إلى شط البحر فأغرز الحربة على


(١) البردي بالفتح نبات معروف واحدته بردية
(تاج العروس)
(٢) في مختصر أبي شامة: توفرت تصحيف واثبتنا ما جاء في مختصر ابن منظور
(٣) تنفل فلان: صلى النوافل والنافلة: ما تفعله مما لم يجب عليك ومنه نافلة الصلاة (تاج العروس: نفل)
(٤) في مختصر أبي شامة: أن لا أخالف
(٥) الصير: الشق