للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الساحل وأشد الترس إليها محرابا وأتقلد سيفي وأصلي إلى الغداة فإذا صليت الصبح غدوت إلى الغابة فكنت فيها نهاري أجمع فبدرت في بعض الأيام فبصرت بشجرة بطم قد بلغ بعضه أخضر وبعضه أحمر قد وقع عليه الندى وهو يبرق فاستحسنته وأنسيت عقدي مع الله وقسمي به أني لا أمد يدي إلى شئ مما تنبت الأرض فرددت يدي إلى الشجرة فقطعت منها عنقودا وجعلت بعضه في فمي ألوكه فذكرت العقد فرميت ما في يدي وبزقت ما في فمي وقلت حلت المحنة ورميت الترس والحربة وجلست موضعي يدي على رأسي فما استقر جلوسي حتى دار بي فرسان وقالوا لي قم فساقوني إلى أن أخرجوني إلى الساحل وإذا أمير بناس (١) جماعة على خيول ورجاله كثير وبين أيديهم جماعة سودان كانوا يقطعون الطريق قبل ذلك اليوم في ذلك المكان فأسرى إليهم أمير بناس في موضع الأكواخ فكبسهم في السجن وأخذ من كان منهم في الأكواخ وافترقت الخيل تطلب من هرب منهم في الغابة فوجدوني أسود معه سيف وترس وحربة فساقوني فلما قدمت إلى الأمير وكان رجلا تركيا قال لي أيش أنت ويلك قلت عبد من عبيد الله فقال للسودان تعرفونه قالوا لا قال بلى هو رئيسكم وإنما تفدونه بنفوسكم لأقطعن أيديكم وأرجلكم فقدموهم فلم يزل يقدم رجلا رجلا يقطع أيديهم حتى انتهى إلي آخرهم فقال لي تقدم مد يدك فمددتها فقطعت ثم قال لي مد رجلك فمددتها فرفعت سري (٢) إلى السماء وقلت إلهي وسيدي ومولاي يد جنت رجلي أيش عملت فإذا بفارس قد أقبل وقف على الحلقة ورمى نفسه إلى الأرض وصاح أيش تعملون تريدون أن تنطبق الخضراء على الغبراء هذا رجل صالح يعرف بأبي الخير المناجي وكنت حينئذ أعرف بالمناجي فرمى الأمير نفسه عن فرسه وأخذ يدي المقطوعة من الأرض يقبلها وتعلق بي يقبل صدري ويشهق ويبكي ويقول ما علمت سألتك بالله اجعلني في حل فقلت جعلتك في حل من أول ما قطعتها هذه يد جنت فقطعت (٣) فقال أبو الخير وهو يبكي وأي مصيبة أعظم من مصيبتي هذه يعني قطعت يدي وأنقطع عني (٤)


(١) كلمة غير مقروءة في مختصر أبي شامة
(٢) كذا في مختصر أبي شامة وفي الطبقات الكبرى للشعراني: ثم رفعت رأسي
(٣) انظر الحكاية باختلاف في الطبقات الكبرى للشعراني ١ / ١٠٩ - ١١٠
(٤) كلمة غير مقروءة في مختصر أبي شامة