للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فأشار إلي فقال هذا الصابئ فمال علي أهل الوادي بكل مدرة وعظم حتى خررت مغشيا علي فارتفعت حين ارتفعت كأني نصب (١) أحمر فأتيت زمزم فغسلت عني الدماء وشربت من مائها ولقد لبثت يا بن أخي ثلاثين بين ليلة ويوم ما كان لي طعام إلا ماء زمزم فسمنت حتى تكسرت عكن بطني وما وجدت على كبدي سخفة (٢) جوع قال فبينا أهل مكة في ليلة قمراء إضحيان (٣) إذ ضرب الله على أسمختهم (٤) فما يطوف بالبيت أحد منهم غير امرأتين فأتتا علي وهما يدعوان إسافا ونائلة فقلت هن مثل الخشبة غير أني لا أكني فانطلقتا تولولان وتقولان لو كان ها هنا أحد من أنفارنا فاستقبلهما رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأبو بكر وهما هابطان (٥) قال ما لكما قالتا الصابئ بين الكعبة وأستارها قال ما قال لكما قالتا إنه قال لنا كلمة تملأ الفم (٦) وجاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى استلم الحجر وطاف بالبيت هو وصاحبه ثم صلى فلما قضى صلاته كنت أول من حياه بتحية الإسلام فقال وعليك ورحمة الله ممن أنت قلت من غفار فأهوى بيده فوضع أصابعه على جبهته فقلت في نفسي كره أن أنتميت إلى غفار فذهبت آخذ بيده فقدعني (٧) صاحبه وكان أعلم به مني فرفع رأسه ثم قال متى كنت ها هنا قلت منذ ثلاثين بين ليلة ويوم قال فمن كان يطعمك قلت ما كان لي طعام إلا ماء زمزم فسمنت حتى تكسرت عكن بطني فما وجدت على كبدي سخفة جوع فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنها مباركة أنها طعام طعم (٨) فقال أبو بكر يا رسول الله ائذن لي في إطعامه الليلة فانطلق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأبو بكر وانطلقت معهما ففتح أبو بكر بابا فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف فكان ذلك أول طعام أكلته بها ثم غبرت ما غبرت (٩) ثم أتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال إنه قد وجهت لي


(١) النصب: الحجر أو الصنم وقد كانوا ينصبونه في الجاهلية ويذبحون عليه فيحمر بالدم أراد أنهم ضربوه حتى أدموه
(٢) سخفة الجوع: رقته وضعفه وهزاله
(٣) ليلة إضحيان أي مضيئة ومنورة
(٤) أسمختهم جمع سماخ وهو الخرق الذي في الاذن ويفضي إلى الرأس والمراد هنا: آذانهم
(٥) في مختصر ابن منظور وسير الاعلام: هابطتان
(٦) أي كلمة كبيرة عظيمة لا شئ أقبح منها
(٧) قد عني صاحبه: أي كفني ومنعني
(٨) طعام طعم: أي تشبع شاربها كما يشبعه الطعام
(٩) أي بقيت ما بقيت