بمقام ربح «١» أجنّوا شخصه ارتقوا وليس براق
ثم وليت موجعا قد شجاني قرب عهد به وبعد تلاق
ولقد كنت للحتوف عليه مشفقا لو أعاذه إشفاقي
فإذا الموت لا يرد بحرص لحريص ولا لرقية راق
وغنينا كابني نويرة «٢» يوما في رخاء ولذة واتفاق
ثم صرنا لفرقة ذات بعد كل حيّ مصيره لفراق
حدّثني عمّي قال: حدّثني أحمد بن أبي خيثمة قال: حدّثنا مصعب بن عبد الله عن أبيه:
أن إسماعيل بن يسار دخل على عبد الملك بن مروان لمّا أفضى إليه الأمر بعد مقتل عبد الله بن الزّبير، فسلّم ووقف موقف المنشد واستأذن في الإنشاد فقال له عبد الملك:
الآن يابن يسار! إنّما أنت آمرؤ زبيريّ، فبأي لسان تنشد؟ فقال له: يا أمير المؤمنين، أنا أصغر شأنا من ذلك، وقد صفحت عن أعظم جرما وأكثر غناء لأعدائك منّي، وإنما أنا شاعر مضحك. فتبسّم عبد الملك؛ وأومأ إليه الوليد بأن ينشد. فابتدأ فأنشد قوله:
ألا يا لقومي للرّقاد المسهّد وللماء ممنوعا من الحائم الصّدي
وللحال بعد الحال يركبها الفتى وللحبّ بعد السّلوة المتمرّد
وللمرء يلحى في التصابي وقبله صبا بالغواني كلّ قرم «٣» ممجّد
وكيف تناسي القلب سلمى وحبها كجمر غضى بين الشّراسيف موقد
حتى انتهى إلى قوله:
إليك إمام النّاس من بطن يثرب ونعم أخو ذي الحاجة المتعمّد
رحلنا لأنّ الجود منك خليقة وأنّك لم يذمم جنابك مجتدي
ملكت فزدت النّاس ما لم يزدهم إمام من المعروف غير المصرّد «٤»
وقمت فلم تنقض قضاء خليفة ولكن بما ساروا من الفعل تقتدي