أمامي، وسعى علينا من كل حارّ وبارد في صحاف ذهب وفضّة، قال: وأداروا علينا الخمر فاستعفيت منها، فأمر برفعها، فلما فرغنا من الطعام، أتي بطشت من ذهب وإبريق من ذهب فتوضّأ، ثم أومأ إلى وصيف له فولّى يحضر، فما كان إلا هنيهة حتى أقبل عشر جوار فقعد خمس على يمينه وخمس عن يساره على كراسي العاج، قال: ثم سمعت وشوشة خلفي، فإذا عشر أخر لم أر مثلهن حسنا وجمالا أفضل من الأول، فقعد خمس عن يمينه وخمس عن يساره على كراسي الخزّ والوشي، ثم أقبلت جارية من أحسن ما تكون من الجواري بطائر أبيض مؤدب، في يدها اليمنى جام ذهب فيه مسك وعنبر سحينان «١» وفي يدها اليسرى جام من فضّة فيه ماء ورد وزنبق لم أشمّ مثله فنفرت بالطائر فانحدر في جام المارود والزنبق، فأعقب بين ظهره وبطنه وجناحيه فلم يدع منه شيئا إلا احتمله، ثم نفرت «٢» به حتى سقط على صليب في تاج جبلة «٣» ، ثم رفرف بجناحيه فلم يبق عليه شيء إلّا كان على جبلة على رأسه ولحيته. قال: ثم دعا بمكّوك «٤» طويل من ذهب شرب فيه خمسة خمرا أعدها عدا، ثم استهل واستبشر ثم قال للجواري: أطربنني قال: فخفقن بعيدانهن، واندفعن يغنّين «٥» :
لله درّ عصابة نادمتهم يوما بجلّق في الزمان الأوّل «٦»
أولاد جفنة عند «٧» قبر أبيهم قبر ابن مارية الكريم المفضل
يسقون من ورد البريص «٨» عليهم صهبا «٩» تصفّق بالرحيق السّلسل
بيض الوجوه كريمة أحسابهم شمّ الأنوف من الطراز الأول