أدين بما دانوا به من شريعة وقد يصبر العود الكبير على الدّبر
قال: وانصرف الجواري وجعل يده على وجهه يبكي حتى نظرت إلى دموعه تحول على لحيته كأنها فصيص اللؤلؤ. قال: وبكيت معه، ثم نشف دموعه بكمه ومسح وجهه، ثم قال: يا جارية هاتي، فأتت بخمس مئة دينار هرقلية، قال: ادفع به إلى حسان بن ثابت وأقرئه مني السلام، ثم قال: يا جارية هاتي، فأتته بخمس مئة دينار هرقلية قال: خذها صلة لك، فأبيت عليه، قلت: لا أقبل صلة رجل ارتدّ عن الإسلام وأمير المؤمنين عليه ساخط، فحرص بي، فأبيت عليه «٢» ، ثم ودع وقال: أقرىء عمر بن الخطاب مني والمسلمين السلام، ثم خرجت من عنده فأتيت عمر، فقال: هيه ما يصنع هرقل؟ فخبرته، ثم قال: هل لقيت جبلة ابن أيّهم الغسّاني؟ قلت: نعم قال: وتنصر؟ قلت: نعم. قال: أو رأيته يشرب الخمر؟ قلت:
نعم، قال: أبعده الله، تعجل فانية بباقية فما ربحت تجارته، فما الذي سرّح به معك؟ قلت:
وجّه إلى حسان بن ثابت خمس مئة دينار، واقتصصت عليه القصّة من أولها إلى آخرها. قال:
هاتها، فدفعتها إليه، فقال: يا غلام ادع لي حسان بن ثابت، فدعي، فلما دخل عليه وكان ضريرا ومعه قائده، قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين إني لأجد روائح آل جفنة عندك.
قال: نعم، قد أتاك الله من جبلة بمعونة، ونزع لك منه على رغم أنفه، قال: فأخذها وولّى وهو يقول «٣» : إنّ ابن جفنة من بقية معشر لم يغذهم أباؤهم باللّوم «٤»