يشكون أنها بيعة أهل الشام، فلما فتح الكتاب لم يوجد شيء، وقام العبسي فقال: من ها هنا من أفناء قيس، إنّي أخصّ من قيس غطفان، وأخص من غطفان عبسا، وإنّي أحلف بالله لقد تركت تحت قميص عثمان أكثر من خمسين ألف شيخ، خاضبي «١» لحاهم بدموع أعينهم متعاقدين متحالفين ليقتلنّ قتلته، وإني أحلف بالله ليقتحمنّها عليكم ابن أبي سفيان بأكثر من أربعة آلاف من خصيان الخيل، في ظنكم بعد بما فيها من الفحول! فقال له قيس بن سعد: يا أخا عبس لا نبالي بخصيان خيلك ولا ببكاء كهولك، ولا يكون بكاؤهم بكاء يعقوب على يوسف. ثم دفع العبسي كتابا من معاوية فيه «٢» :
أتاني أمر فيه للناس «٣» غمّة وفيه اجتذاع للأنوف أصيل «٤»
مصاب أمير المؤمنين وهذه «٥» تكاد لها صمّ الجبال تزول
فلله عينا من رأى مثل هالك أصيب بلا ذنب وذاك جليل
دعاهم فصمّوا عنه عند دعائه «٦» وذاك على ما في النفوس دليل
ندمت على ما كان من تبع الهوى وحسبي منه «٧» حسرة وعويل
سأبغي أبا عمرو بكلّ مهند «٨» وبيض لها في الدارعين صليل
فأما التي فيها المودة بيننا فليس إليها ما حييت سبيل
سألقحها حربا عوانا ملحّة وإنّي بها من عامها «٩» لكفيل