فكان أول من دخل عليه محمد بن أبي بكر فمشى إليه حتى أخذ بلحيته فقال: دعها يابن أخي، فو الله إن كان أبوك ليلهف لها بأدنى من هذا، فاستحيا فخرج، فقال: قد أشعرته لكم، وأخذ عثمان ما امتعط من لحيته، فأعطاه إحدى امرأتيه، ثم دخل رومان بن سودان رجل أزرق قصير مخدد «١» عداده من مراد، ومعه جرز «٢» من حديد، فاستقبله فقال: على أيّ ملة أنت يا نعثل؟ فقال: لست نعثل «٣» ولكني عثمان بن عفان وأنا على ملّة إبراهيم حنيفا مسلما وما كنت من المشركين، فقال: كذبت، وضربه بالجرز على صدغه الأيسر فقتلّه فخّر، وأدخلته بنت الفرافصة بينها وبين ثيابها، وكانت امرأة جسيمة ضليعة، وألقت بنت شيبة نفسها على ما بقي من جسده، فدخل رجل من أهل مصر بالسّيف مصلتا، فقال: والله لأقطعنّ أنفه، فعالج المرأة عنه فغلبته، فكشف عنها درعها من خلفه حتى نظرت إلى متنها، فلما لم يصل إليه أدخل السيف بين قرطها ومنكبها فقبضت على السيف، فقطع أناملها، فقالت: يا رباح وهو غلام لعثمان أسود، أعن عني هذا، فمشى إليه الغلام، فضربه ضربة بالسيف فقتله، ثم إن الناس دخلوا الدار، فلمّا رأوا الرجل قد قتل، وأن المرأتين لا يتركانه، ندم ناس من قريش، واستحيوا، فأخرجوا الناس، وثار أهل بيت لهم، فاقتتلوا على باب الدار، فضرب مروان بن الحكم بالسيف على العاتق، فخرّ، وضرب رجل من أهل مصر المغيرة بن [فصرع، فقال رجل من أهل المدينة، تعس المغيرة بن الأخنس]«٤» فقال الذي قتله: بل تعس قاتل المغيرة، فألقى سلاحه، ثم أدبر هاربا يلتمس التوبة، وأمسينا فقلنا: إن تركتم صاحبكم حتى يصبح مثّلوا به، فانطلقنا إلى بقيع الغرقد فأتينا «٥» له من جوف الليل ثم حملناه فغشينا سواد من خلفنا هبناهم حتى كدنا بأن نفترق عنه، فنادى مناديهم «٦» : لا روع عليكم، اثبتوا فإنما جئنا لنشهده معكم، وكان أبو حنيش يقول: هم ملائكة الله، فدفناه، ثم هربنا من ليلتنا إلى الشام، فلقينا أهل الشام بوادي القرى عليهم حبيب بن مسلمة.