فخرجا حتى أتيا المسجد الحرام، فقام سهيل خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، وخطب بمثل خطبة أبي بكر، لم يخرج «١» عنها شيئا، وقد كان قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعمر بن الخطاب- وسهيل بن عمرو في الأسرى يوم بدر [وقد قال له: يا رسول الله أنزع ثنيته فلا يقوم عليك خطيبا أبدا-]«٢»«ما يدعوك «٣» إلى أن تنزع ثناياه؟ دعه فعسى الله أن يقيمه مقاما يسرك» فكان ذلك المقام الذي قال صلّى الله عليه وسلّم، وضبط عتّاب عمله وما حوله.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، وأبو غالب وأبو عبد الله قالوا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلص، نا أحمد بن سليمان، نا الزبير بن بكار، حدثني محمد بن الحسن، عن نوفل بن عمارة قال: سئل سعيد بن المسيّب عن خطباء قريش في الجاهلية، فقال: الأسود بن المطلب بن أسد «٤» ، وسهيل بن عمرو، وسئل عن خطبائهم في الإسلام، فقال: معاوية وابنه، وسعيد وابنه، وعبد الله بن الزبير. أخبرنا أبو الأعزّ قراتكين بن الأسعد، أنا أبو محمد الجوهري، أنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن مروان، أنا أبو محمد بن أبي حاتم، أخبرني عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إلي قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده يعني عن الشافعي قال: سهيل بن عمرو صاحب عقد قريش يوم الحديبية، والقائم بمكة خطيبا يوم مات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومات بالشام في الطاعون، وكان محمود الإسلام من حين دخل فيه عام الفتح.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل، ثنا أحمد بن مروان، نا إبراهيم الحربي، نا أحمد بن يونس، عن سفيان الثوري قال:
حضر باب عمر بن الخطاب جماعة من مشيخة الفتح وغيرهم، فيهم سهيل بن عمرو، وعيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، فخرج الإذن أين صهيب؟ أين عمار؟ أين «٥» سلمان؟
ليدخلوا فتمعرت «٦» وجوه القوم، فقال سهيل: ما معّر وجوهكم؟ دعوا ودعينا، فأسرعوا