قال عمرو بن بحر «١» : اجتمع للرشيد ما لم يجتمع لأحد من جدّ ولا هزل: وزراؤه البرامكة، لم ير مثلهم سخاء وسروا، وقاضيه أبو يوسف «٢» ، وشاعره مروان بن أبي حفصة «٣» ، كان في عصره كجرير في عصره، ونديمه عم أبيه العباس «٤» بن محمد صاحب العباسية «٥» ، وحاجبه الفضل بن الربيع «٦» أتيه الناس وأشده تعاظما، ومغنيه إبراهيم الموصلي واحد عصره في صناعته، وضاربه زلزل «٧» ، وزامره برصوما، وزوجته أم جعفر أرغب الناس في خير، وأسرعهم إلى كل برّ، أدخلت الماء الحرم بعد امتناعه، إلى أشياء من المعروف.
كان «٨» عبيد الله «٩» بن ظبيان قاضي الرقة، وكان الرشيد إذ ذاك بها، فجاء رجل فاستعذر عليه من عيسى بن جعفر «١٠» ، فكتب إليه ابن ظبيان: أما بعد. أبقى الله الأمير وحفظه، أتاني رجل ذكر أنه فلان بن فلان، وأن له على الأمير- أبقاه الله- خمس مئة ألف درهم، فإن رأى الأمير- حفظه الله- أن يحضر معه بمجلس الحكم أو يوكل وكيلا يناظر خصمه فعل، ودفع بالكتاب إلى الرجل، فأتى به باب عيسى بن جعفر، ودفع الكتاب إلى حاجبه، فأوصله إليه، فقال: كل هذا الكتاب، فرجع إلى القاضي فأخبره، فكتب إليه: أبقاك الله وحفظك وأمتع بك، حضر رجل يقال له فلان بن فلان، فذكر أن له عليك حقا فصر به