للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال شعيب بن حرب «١» :

بينا أنا في طريق مكة إذ رأيت هارون الرشيد، فقلت لنفسي: قد وجب عليك الأمر والنهي، فقالت لي: لا تفعل، فإن هذا رجل جبار، ومتى أمرته ضرب عنقك، فقلت لنفسي:

لا بد من ذلك. فلما دنا مني صحت: يا هارون، قد أتعبت الأمة، وأتعبت البهائم، فقال:

خذوه، فأدخلت عليه، وهو على كرسي وبيده عمود «٢» يلعب به، فقال: ممن الرجل؟ قلت: من أفناء الناس، قال: ممن ثكلتك أمك؟ قلت: من الأبناء «٣» ، قال: ما حملك على أن تدعوني باسمي؟! قال شعيب: فورد على قلبي كلمة ما خطرت لي قط على بال، قلت: أنا أدعو الله باسمه، فأقول: يا الله، يا رحمن، لا أدعوك باسمك؟ وما تنكر من دعائي باسمك؟

وقد رأيت الله سمى في كتابه أحب الخلق إليه «٤» محمدا، وكنى أبغض الخلق إليه: أبا لهب فقال: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ

[سورة المسد، الآية: ١] فقال: أخرجوه، فأخرجوني.

قال ابن السماك «٥» :

قلت للرشيد هارون: يا أمير المؤمنين، إنك تموت وحدك، وتقبر وحدك «٦» ، فاحذر المقام بين يدي الجبار، والوقوف بين الجنة والنار، فإنك لا تقدم إلا على قادم مشغول، ولا يخلف إلا جاهل مغرور، يا أمير المؤمنين، إنما هو دبيب من سقم حتى يؤخذ بالكظم «٧» ، وتزل القدم، ويقع الندم، فلا توبة تنال «٨» ، ولا عثرة تقال، ولا يقبل فداء بمال، فجعل أمير المؤمنين يبكي حتى علا صوته، فالتفت إلي يحيى بن خالد فقال: قم، فقد شققت على أمير المؤمنين منذ الليلة، فقمت وأنا أسمع بكاءه.