فأجدوا في السير بل إن قدرتم أن تطيروا مع الرياح فطيروا
فأجابته الخيزرانة «١» :
قد أتانا الذي وصفت من الشو ق فكدنا وما فعلنا «٢» نطير
ليت أن الرياح كن يؤدين إليك الذي يجنّ الضمير
لم أزل صبّة فإن كنت بعدي في سرور فدام ذاك السرور
أنشد «٣» عمران بن موسى المؤدب لهارون الرشيد في ثلاث حظيّات كن عنده وهن قصف «٤» ، وضياء، وخنث:
ملك الثلاث الآنساب «٥» عناني وحللن من قلبي بكل مكان
مالي تطاوعني البرية كلّها وأطيعهن وهن في عصياني؟
ما ذاك إلا أن سلطان الهوى وبه ملكن «٦» أعز من سلطانياشتريت «٧» للرشيد هارون جارية مدينية، فأعجب بها، وأمر الربيع أن يبعث في حمل أهلها ومواليها لينصرفوا بجوائزها، وأراد بذلك تسريتها، فوفد إلى مدينة السلام ثمانون رجلا، ووفد معهم رجل من أهل العراق استوطن المدينة كان يهوى الجارية. فلما بلغ الرشيد خبرهم أمر الفضل أن يخرج إليهم ليكتب اسم كل رجل منهم وحاجته ففعل حتى بلغ إلى العراقي فقال له: حاجتك؟ قال: إن كتبتها وضمنت لي عرضها مع ما يعرض أنبأتك بها، فقال: أفعل ذلك، قال: حاجتي أن أجلس مع فلانة حتى تغنيني ثلاثة أصوات، وأشرب ثلاثة أرطال «٨» ؛ وأخبرها بما تجن ضلوعي من حبها، فقال الفضل: إنه موسوس، قال: يا هذا، قد أمرت أن تكتب ما يقول كل واحد، فاكتب ما أقول، واعرضه، فإن أجبت إليه، وإلا فأنت في أوسع العذر. فدخل الفضل مغضبا، فقرأ على الرشيد ما كتب، وقال: يا أمير المؤمنين،