قال: شهادة أن لا إله إلا الله منذ ثمانين سنة. [فقال الحسن بيده: نعم والله العدة]«١» . فلما صلى عليها الحسن، مالوا إلى قبرها لدفنها، فأنشأ الفرزدق يقول «٢» :
أخاف وراء القبر إن لم يعافني أشدّ من القبر التهابا وأضيقا
إذا جاءني يوم القيامة قائد عنيف وسوّاق يسوق «٣» الفرزدقا
لقد خاب من أولاد آدم «٤» من مشى إلى النار مغلول القلادة أزرقا «٥»
يساق إلى ذلّ «٦» الجحيم مسربلا سرابيل قطران لباسا محرّقا
إذا شربوا فيها الصديد رأيتهم يذوبون من حرّ الصديد تمزّقا
فبكى الحسن «٧» ثم التزم الفرزدق، وقال: لقد كنت من أبغض الناس إلي، وإنك اليوم من أحب الناس إلي.
شهد «٨» الحسن جنازة أبي رجاء العطاردي «٩»[على بغلة]«١٠» ، والفرزدق معه على بعيره، فقال له الفرزدق: يا أبا سعيد، يستشرفنا الناس، فيقولون: خير الناس، وشر الناس، فقال الحسن: يا أبا فراس، كم أشعث أغبر ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره، ذاك خير من الحسن، وكم من شيخ مشرك أنت خير منه يا أبا فراس، قال: الموت يا أبا سعيد، قال له الحسن: وما أعددت له يا أبا فراس؟ قال: شهادة أن للا إله إلا الله منذ سبعين «١١» سنة، قال: