عند أحد ما يعطيه شاعرا، وقد أمرت لك بأربعة آلاف درهم، فخذها، ولا تعرض لأحد بمدح ولا هجاء] «١»
. قال: فأخذها الفرزدق، ومرّ بعبد الله بن عمرو بن عثمان، وهو جالس في سقيفة داره، وعليه مطرف «٢»
خزّ وجبة حمراء فقال «٣»
:
أعبد الله أنت أحقّ ماش وساع بالجماهير الكبار
فللفاروق أمّك «٤» وابن أروى «٥»
أبوك فأنت منصدع النهار
هما قمرا السماء وأنت نجم به في الليل يدلج كلّ سار
فخلع عليه جبته والمطرف والعمامة، ودعا له بعشرة آلاف درهم، فسمع ذلك عمر بن عبد العزيز، فبعث إليه عمر ألم أتقدم إليك يا فرزدق ألا تعرض لأحد بمدح ولا هجاء؟
اخرج، فقد أجلتك ثلاثا، فإن وجدتك بعد ثلاث نكّلت بك، فخرج الفرزدق وهو يقول:
توعدني وأجلني ثلاثا كما وعدت لمهلكها ثمود
كان الحجاج يتمثل بهذا البيت من شعر الفرزدق لما مات ابنه «٦»
: فما ابنك إلا من بني الناس فاصبري «٧» فلن يرجع الموتى حنين الماتم
كان «٨»
شاعر من بني حرام بن سماك قد هجا الفرزدق، فأخذوه، فأتوا به الفرزدق، وقالوا له: هذا بين يديك، فإن شئت فاضرب، وإن شئت فاحلق، لا عدوى عليك، ولا قصاص، فخلى عنه وقال «٩»
:
فمن يك خائفا لأذاة شعري فقد أمن الهجاء بنو حرام
هم قادوا سفيههم وخافوا قلائد مثل أطواق الحمام
كتب الفرزدق إلى جرير كتابا يدعوه إلى الصلح، ويقول: ذهبت أيامنا بالباطل وكرّت