اجتمعت مع يعقوب بن السّكّيت عند محمّد بن عبد الملك الزيات، فقال لي محمّد بن عبد الملك الزيات: سل أبا يوسف عن مسألة. فكرهت ذلك، وجعلت أتباطأ، وأدافع مخافة أن أوحشه، لأنّه كان لي صديقا. فألحّ علي محمّد بن عبد الملك، وقال لي:
لم لا تسأله؟ فاجتهدت في اختيار مسألة سهلة لأقارب يعقوب، فقلت له: ما وزن نكتل من الفعل من قول الله تعالى: فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ
[سورة يوسف، الآية: ٦٣] ؟ فقال لي: نفعل، فقلت: فينبغي أن يكون ماضيه (كتل) ! فقال: لا، ليس هذا وزنه، إنما هو (نفتعل) ، فقلت له: نفتعل كم حرفا؟ قال: هو خمسة أحرف، فقلت له: فنكتل، كم حرفا هو؟ قال: أربعة أحرف فقلت له: أيكون أربعة أحرف بوزن خمسة أحرف؟ فانقطع، وخجل وسكت. فقال محمّد بن عبد الملك: فإنما تأخذ كل شهر ألفي درهم على أنك لا تحسن ما وزن (نكتل) ؟ قال: فلمّا خرجنا قال لي يعقوب: يا أبا عثمان، هل تدري ما صنعت؟ فقلت له: والله لقد قاربتك جهدي [وما لي في هذا ذنب]«١»«٢» .
[قال القاضي أبو الفرج:
نكتل في هذا الموضع هو في أوليته وابتدائيته في ماضيه ومستقبله: كال يكيل على فعل يفعل. مثل مال يميل وقياسه في أصل تقديره كيل يكيل نظيره في الصحيح ضرب يضرب. إلّا أن الياء في كيل انقلبت ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها. والألف لا تكون إلا ساكنة إلّا أنها في نية حركة ونقلت كسرة الياء في المضارع ونقلت كسرتها إلى الكاف وكانت ساكنة، فكسرت إذ لم يستقم التقاء الساكنين فصار نكتل، وقيل في الجمع: كلنا نكتل، ثم لما زيدت التاء دلالة على الافتعال قيل: اكتال نكتال وأصله اكتيل يكتيل، نحو افتعل يفتعل نظيره من الصحيح اكتتب يكتتب واكترث يكترث واستبق يستبق ثم قلبت الياء من اكتيل ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار اكتال ومضارعه يكتال، وأصله يكتيل، وفي الجمع نكتيل وزنه نفتعل، فلما قيل نكتل فأعرب بالجزم إذ هو جواب الأمر اقتضى الجزم سكون اللام، فالتقى