في قوله تعالى: وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ
[سورة البقرة، الآية: ٥٠] ، قال: لمّا أتى موسى البحر قال له رجل من أصحابه يقال له يوشع بن نون: أين أمرك ربك يا موسى؟ فو الله ما كذبت ولا كذّبت. ففعل ذلك ثلاث مرّات، وأوحى الله إلى موسى: أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ
[سورة الشعراء، الآية: ٦٧] ، فضربه، فانفلق، ثم سار موسى ومن معه، فأتبعهم فرعون في طريقهم، حتى إذا تتامّوا فيه أطبقه الله عليهم. فذلك قوله:
قال ابن عباس: حدّثني أبيّ بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «١» : «إنّ موسى- عليه السّلام- ذكّر الناس يوما، حتى إذا فاضت العيون، ورقّت القلوب ولّى، فأدركه رجل، فقال: يا رسول الله، هل في الأرض أحد أعلم منك؟ قال: لا، فعتب الله عليه إذ لم يردّ العلم إلى الله، فأوحى الله إليه: إنّ لي عبدا أعلم منك، قال: أي ربّ، وأين؟
قال: بمجمع البحرين، قال: يا ربّ، اجعل لي علما أعلم ذلك به، قال: خذ حوتا ميتا حيث ينفخ الله فيه الروح- وفي رواية: حيث يفارقك الحوت- فذاك قوله تعالى: وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ [سورة الكهف، الآية: ٦٠] يوشع بن نون. فبينا هو في ظل صخرة إذ تضرّب «٢» الحوت وموسى نائم، قال فتاه: لا أوقظه، حتى إذا استيقظ نسي «٣» أن يخبره، وتضرّب الحوت حتّى دخل البحر فأمسك الله عليه جرية البحر حتى كان أثّر في حجر- وحلّق إبهاميه واللّتين تليانهما- لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً
[سورة الكهف، الآية: ٦٢] ، قال:
قد قطع الله عنك النّصب «٤» ، وأخبره، فرجعا، فوجدا خضرا على طنفسة خضراء على كبد البحر «٥» مسجى بثوبه، قد جعل طرفه تحت رجليه، وطرفه تحت رأسه، فسلم عليه موسى، فكشف عن وجهه، وقال: هل بأرضك من سلام؟ من أنت؟ قال: أنا موسى، قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، قال: فما شأنك؟ قال: جئت لتعلّمني مِمَّا عُلِّمْتَ