وعكفوا ليلة السبت، ويوم السبت على سبتهم، فهجم عليهم فقتلهم، فنزلوا في آخر النهار يوم الجمعة، فخاف يوشع إن غابت الشمس حرم عليهم قتالهم، فقام يدعو الله ليحبس له الشمس حتى يقضي فيهم قضاءه. قال: فحبس الله عليه الشمس حتى فرغوا من عدوهم وظهروا عليه، ودخلوا مدينتهم، فأقاموا بها أربعين ليلة، قال: فمن يومئذ اختلط حساب المنجمين، ومن نظر في هذا العلم من قياس الشمس والساعات.
قال كعب:
وكان الله كسا هارون قباء فيه اثنا عشر علما كهيئة الكواكب، لكل سبط منهم علم، فإذا غلّ أحد من الأسباط تحول علم ذلك السبط عن نوره، فصار مظلما، فيعلم أن سبط فلان قد غلّ. وكان ذلك القباء مع يوشع، فلمّا كان يوم أريحا ردت رايته، وانهزم أصحابه، وكانوا إذا غلوا انهزموا. فدعا بالقباء، فنظر، فإذا علامة منها قد تغيّرت، فدعا رأس ذلك السّبط، فقال:
ما حملكم على أن غللتم؟ وهو.... «١» قال: فطلبوا الرجل الذي غلّ، فأصابوه، فإذا قطيفة قد غلها، فأحرقوه وإياها بالنار.
قال: وقال غير كعب: أحرق القطيفة وكانت منسوجة بالذهب والدر، فأوحى الله إليه أن ضع الكمين «٢» وشد عليهم، فإنّ الله يكفيكهم. قال: فهو أوّل من وضع الكمين. وفتح الله عليهم، ودخلوا، فأوحى الله إلى يوشع أن اقتل جبابرتها، ولا تستبق منهم أحدا، ففعل، وأقام أربعين سنة حتى فتحت لهم بلاد الشام، وفتح يوشع إحدى وثمانين مدينة، ثم انصرف إلى بلادهم وأرضهم التي كانت وراثة آبائهم التي كتبها الله لهم، وهي الأرض المقدسة، آمنين على أنفسهم. ورفعت الحرب عن بني إسرائيل، فلبثوا أربعين سنة يوشع بين أظهرهم، وهم أحسن ما كانوا هيبة في جميع حالاتهم.
وذكر أبو بكر الخطيب بإسناد مجهول قال: قيل لعلي بن أبي طالب:
هل كان للنجوم أصل؟ قال: نعم، كان نبي من الأنبياء يقال له يوشع بن نون، قال له قومه: لا نؤمن بك حتى تعلّمنا بدء الخلق وآجاله. فأوحى الله إلى غمامة، فأمطرتهم.