أخبث أهل الأرض، لأنهم كانوا أوّل من غزا بيت المقدس، وقتلوا وحرقوا. فعاد إليه الرسول، فوجده قائما يصلي في المسجد. فاستحثّه، فخرج مغاضبا، وأتى البحر، فوجد سفينة- فذكر ركوبه فيها، والتقام الحوت إياه «١» . عن ابن عباس في قوله تعالى: إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً
[سورة الأنبياء، الآية: ٨٧] ، قال:
عبد أبق من ربّه «٢» . ثم اجتباه.
وعنه في قوله: فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ
[سورة الأنبياء، الآية: ٨٧] ، يقول: ظن ألّا يأخذه العذاب الذي أصابه- وفي رواية: غضب على قومه، فظن أن لن نقضي عليه عقوبة، ولا بلاء فيما صنع بقومه في غضبه عليهم، وفراره.
وعن مجاهد:«فظن أن لن نقدر عليه» ؛ أن لن نعاقبه بذنبه.
وعن قتادة في قوله تعالى: فَساهَمَ، فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ
[سورة الصافات، الآية:
١٤١] ، قال: احتبست السفينة، فعلم القوم أنّها احتبست من حدث أحدثه بعضهم، فتساهموا، فقرع يونس «٣» ، فرمى بنفسه، فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ
[سورة الصافات، الآية: ١٤٢] ، قال: وهو مسيء فيما صنع، فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ
[سورة الصافات، الآية: ١٤٣] ، قال: كان كثير الصلاة في الرّخاء، ناجاه.
قال إسحاق بن بشر: أخبرنا سعيد عن قتادة عن الحسن:
أن يونس كان مع نبيّ «٤» من أنبياء بني إسرائيل، فأوحى الله إليه أن ابعث يونس إلى أهل نينوى يحذّرهم عقوبتي. قال: وكانت الأنبياء تبعث بإقامة التوراة فيهم، وما أنزل الله بعد موسى كتابا إلّا الإنجيل، وزبور داود. فمضى يونس على كره منه، وكان رجلا حديدا، شديد الغضب لله- عزّ وجل- فأتاهم، وحذّرهم، وأنذرهم. فكذّبوه، وردّوا عليه نصيحته، ورموه بالحجارة، وأخرجوه. فانصرف عنهم. فقال له نبي بني إسرائيل: ارجع إليهم، فرجع، ففعلوا مثل ذلك ثلاث مرات، فأوعدهم العذاب، فقالوا: كذبت.