فقضيت كل من له علي دين واتسعت وأنفقت وقلت أضمن هذا المال للخراساني فإلى أن يجئ يكون قد أتى الله عز وجل بفرج من عنده فكنت يومي ذلك في سعة وأنا لا أشك في خروج الخراساني فلما أصبحت من غد ذلك اليوم دخل الغلام فقال الخراساني الحاج بالباب يستأذن فقلت ائذن له فدخل فقال إني كنت عازما على ما أعلمتك ثم ورد علي الخبر بوفاة والدي وقد عزمت على الرجوع إلى بلدي فتأمر لي بالمال الذي أعطيتك أمس فورد علي أمر لم يرد علي مثله قط وتحيرت فلم أدر بما أجيبه وفكرت وقلت ماذا أقول للرجل ثم قلت له نعم عافاك الله منزلي هذا ليس بالحريز ولما أخذت مالك وجهت به إلى من هو قبله فتعود في غد فتأخذه فانصرف وبقيت متحيرا لا أدري ما أعمل إن جحدته قدمني واستخلفني وكانت الفضيحة في الدنيا والآخرة والهتك وإن دافعته صاح وهتكني وغلظ الأمر علي جدا وأدركني الليل وفكرت في بكور الخراساني إلي فلم يأخذني النوم ولا قدرت على الغمض فقمت إلى الغلام فقلت اسرج البغلة فقال يا مولاي هذه العتمة بعد وما مضى من الليل شئ فإلى أين تمضي فرجعت إلى فراشي فإذا النوم ممتنع فلم أزل أقوم إلى الغلام وهو يردني حتى فعلت ذلك ثلاث مرات وأنا لا يأخذني القرار وطلع الفجر فأسرج البغلة وركبت وأنا لا أدري أين أتوجه وطرحت عنان البغلة وأقبلت أفكر وهي تسير حتى بلغت الجسر فعدلت بي إليه فتركتها فعبرت ثم قلت إلى أين أعبر وإلى أين أمضي ولكن إن رجعت وجدت الخراساني على بابي أدعها تمضي حيث شاءت ومضت البغلة فلما عبرت الجسر أخذت بي يمنة نحو دار المأمون فتركتها إلى أن قاربت باب المأمون والدنيا بعد مظلمة فإذا فارس قد تلقاني فنظر في وجهي ثم سار وتركني ثم رجع إلي فقال ألست بأبي حسان الزيادي (١) قلت بلى قال أجب (٢) الأمير الحسن بن سهل فقلت في نفسي وما يريد الحسن بن سهل مني ثم سرت معه حتى حضرنا إلى بابه واستأذن لي عليه فدخلت فقال أبا حسان ما خبرك وكيف حالك ولم انقطعت عنا فقلت لأسباب وذهبت لأعتذر فقال دع هذا عنك أنت في لوثة أو في أمر فما هو فإني رأيتك البارحة في النوم في تخليط كثير فابتدأت