للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الحياة والسعادة للإنسان، وليست إقامة الحدود إلا تدعيماً لقواعد العدل، وترسيخاً لأسس السعادة والمساواة، وهي الوسيلة المجدية لتربية عامة تسد باب الذرائع، وتكف أكف الجناة عن الاعتداء على الآخرين.
وإقامة الحدود علاج لأمراض تهدد حياة أمة يقع على كاهلها عبء حفظ النظام، والدفاع عن الحق المشترك، ومنع الظلم الظاهر، وإزالة المنكر:" مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذلِكَ أَضْعَفُ الإيمَانِ". وإقامة الحدوب قصاص، وقد قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: ١٧٩].
فقوله تعالى: (وَلَكُمْ) ينفي وجود مصلحة أو منفعة للقائل، ويحدد أن المصلحة والمنفعة للمخاطبين، خلافاً للقوانين الوضعية التي تكون مصلحة المشرع ظاهرة فيها.
وقوله: (الْقِصَاص) معرفاً بلام الجنس ليستغرق جميع أنواعه ابتداء بِالتعزير،
وانتهاء بقتل القاتل، إذ الأمة في هدي القرآن الكريم كالشخص الواحد {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: ٣٢].
وقوله: (حَيَاةٌ) هكذا منكرة لتدل على مطلق حياة، ولتشمل الحياة الآمنة، السعيدة، الخيرة، التي تكون لحمتها التقوى، وسداها العمل الصالح، إنها حياة أمة تعمل الصالحات دوماً، وتتواصى بالحق، وتتواصى بالصبر، تطير إلى الله بجناحين هما: الخوف والرجاء.
وقوله: (لَعَلكُمْ تَتَّقُونَ) قال صاحب الظلال: "هذا هو الرباط الذي يعقل النفوس عن الاعتداء، الاعتداء بالقتل ابتداء، والاعتداء في الثأر أخيراً ... التقوى: حساسية القلب، وشعوره بالخوف من الله، وتحرجه من غضبه، وتطلبه لرضاه. إنه بغير هذا الرباط لا تقوم شريعة، ولا يفلح قانون، ولا يتحرج متحرج، ولا تكنى التنظيمات الخاوية من الروح والحساسية والخوف والطمع في قوة أكبر من قوة الإنسان. =

<<  <  ج: ص:  >  >>