للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ومنهم من قال: الحكم للمسند إذا كان ثابت العدالة، ضابطاً للرواية، فيجب قبول خبره ويلزم العمل به وإن خالفه غيره، وسواء كان المخالف له واحداً أو جماعة.
وهذا القول هو الصحيح عندنا، لأن إرسال الراوي للحديث ليس بجرح لمن وصله، ولا تكذيب له، ولعله أيضاً مسند عند الذين رووه مرسلاً، أو عند بعضهم، إلا أنهم أرسلوه لغرض أو نسيان. والناسي لا يقضى له على الذاكر.
وكذلك حال راوي الخبر إذا أرسله مرة ووصله أخرى لا يضعف ذلك إيصاله، لأنه قد ينسى فيرسله، ثم يذكر بعده فيسنده، أو يفعل الأمرين معاً عن قصد منه لغرض له فيه".
وقد علق العلائى على ما جاء في الرسالة للشافعي بشأن المرسل ص (٤٦١ - ٤٦٥) في "جامعٍ التحصيل" ص (٣٧ - ٣٨) فقال: "وقد تضمن هذا الفصل البديع من كلامه أموراً:
أحدها: أن المرسل إذا أسند من وجه آخر دل ذلك على صحته.
وهذا قد اعترض فيه على الإمام الشافعي فقيل: إذا أسند المرسل من وجه آخر، فإما أن يكون سند هذا المتصل مما تقوم به الحجة، أو لا.
فإن كان مما تقوم به الحجة فلا معنى للمرسل هنا، ولا اعتبار به، الآن العمل إنما هو بالمسند لا به. وإن كان المسند مما لا تقوم به الحجة لضعف رجاله، فلا اعتبار به حينئذٍ إذا كنت لا تقبل المرسل، لأنه لم يعضده شيء.
وجواب هذا: أن مراده ما إذا كان طريق المسند مما تقوم به الحجة. وقولهم: لا معنى للمرسل حينئذ ولا اعتبار به. قلنا ليس كذلك من وجهين: أحدهما: أن المرسل يقوى بالمسند وتتبين به صحته، وتكون فائدتهما حينئذٍ الترجيح على مسند آخر يعارضه لم ينضم إليه مرسل، ولا شك أن هذه فائدة مطلوبة.
وثانيهما: أن المسند قد يكون في درجة الحسن، وبانضمام المرسل إليه يقوى كل منهما بالآخر، ويرتقي الحديث بهما إلى درجة الصحة، وهذا أمر جليل أيضاً، ولا ينكره الله من لا مذاق له في هذا الشأن".
وانظر "تدريب الراوي"١/ ١٩٨ - ٢٠٦، وقواعد التحديث (١١٨ - ١٢٠)
و (١٣٨ - ١٤٨). وألفية الحديث للحافظ العراقي ص: (٦٦ - ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>